جراحة قلب ناجحة تكشف ريادة مستشفى البشير للتخصصات الجراحية
أ. د. هاني الضمور
14-09-2025 08:12 AM
لم يكن قرار إخضاع زوجتي لعملية جراحية متقدمة في القلب قرارًا عاديًا، بل كان واحدًا من أصعب الخيارات التي واجهتها في حياتي. فالخوف على حياة إنسان عزيز، والقلق من المخاطر المرتبطة بمثل هذه العمليات الدقيقة، جعلا التردد رفيقًا دائمًا لي. وفي البداية لم أكن ميالًا لإجراء العملية داخل الأردن، وكنت أظن أن السفر إلى الخارج هو الطريق الأكثر أمانًا، إذ اعتقدت أن الإمكانيات المحلية قد لا تكون كافية لمثل هذه التحديات الطبية. غير أن ما حدث قلب هذه الصورة رأسًا على عقب، وأثبت أن الأردن يمتلك من القدرات ما يجعله في مصاف الدول الرائدة طبيًا.
حين تأكدنا أن زوجتي بحاجة ماسة إلى تدخل جراحي دقيق في القلب، كانت الخطوة التالية البحث عن المكان الذي يمكن أن يمنحنا الثقة. في تلك اللحظة برز اسم مستشفى البشير للتخصصات الجراحية التابع لوزارة الصحة، وهو مركز حديث نسبيًا، لكنه سرعان ما اكتسب سمعة قوية بفضل الكفاءات العاملة فيه. لم يكن من السهل أن أتخذ قرارًا حاسمًا، لكن لقاءي مع الجراح الكبير الدكتور عدنان اللحام كان نقطة تحول فارقة. فالرجل لا يقدم نفسه كجراح فحسب، بل كقائد حقيقي يعرف كيف يمنح المريض وأسرته الطمأنينة، وكيف يدير فريقًا طبيًا متكاملًا بروح علمية وإنسانية في آن واحد.
أجريت العملية وسط أجواء تعكس احترافية عالية. في غرفة العمليات كان التنسيق بين الفريق الطبي والتمريضي أشبه بعرض متقن، حيث يؤدي كل فرد دوره بدقة بالغة وتكامل تام. بدا واضحًا أن النجاح ليس نتاج جهد فرد واحد، بل ثمرة عمل جماعي يتشارك فيه الأطباء والممرضون والفنيون على حد سواء. الدكتور اللحام قاد العملية بخبرة استثنائية، لكنه أصر على إبراز قيمة العمل بروح الفريق، الأمر الذي عزز لدي قناعة أن هذا المركز يعمل وفق معايير تضاهي أرقى المستشفيات العالمية.
النجاح الذي تحقق لم يكن طبيًا فحسب، بل إنسانيًا أيضًا. الرعاية التي تلقتها زوجتي بعد العملية، والمتابعة الدقيقة من الكادر التمريضي، أظهرت أن مستشفى البشير للتخصصات الجراحية لا يكتفي بالجانب العلاجي فقط، بل يمنح المريض منظومة متكاملة من الاهتمام تبدأ من التشخيص مرورًا بالعملية ووصولًا إلى مرحلة النقاهة. هذه التجربة جعلتني أرى أن هذا المستشفى ليس مجرد مؤسسة صحية تقليدية، بل صرح طبي حديث يُعيد تعريف مفهوم الخدمة الصحية في الأردن.
ما أثار دهشتي أن مستوى الخدمات تجاوز توقعاتي بكثير. كنت أظن أن محدودية الموارد قد تحول دون تحقيق إنجازات بهذا الحجم، لكنني اكتشفت أن الإرادة الصلبة، إلى جانب الكفاءات المدربة، يمكن أن تتجاوز أي عقبات مادية. لقد أثبت مستشفى البشير للتخصصات الجراحية أن النجاح الطبي لا يرتبط فقط بالإمكانات التقنية، بل بالقدرة على توظيف المعرفة والخبرة والإنسانية في خدمة المريض.
اليوم، وبعد أن تكللت العملية بالنجاح وعادت زوجتي إلى حياتها الطبيعية تدريجيًا، أشعر بامتنان عميق لهذا الصرح الطبي وللقائمين عليه. لقد منحتني هذه التجربة إيمانًا راسخًا بأن الأردن قادر على المنافسة عالميًا في مجالات الطب والجراحة، وأن أبناء هذا الوطن قادرون على تحقيق المعجزات متى ما أُتيح لهم الدعم والإيمان بقدراتهم.
إن ما تحقق في مستشفى البشير للتخصصات الجراحية لا يمثل إنجازًا فرديًا معزولًا، بل هو حلقة في سلسلة النجاحات التي يشهدها القطاع الصحي الأردني. فإلى جانب هذا المستشفى التابع لوزارة الصحة، هناك مراكز طبية أخرى متميزة أثبتت حضورها على الساحة الإقليمية والدولية، وأسهمت في أن يصبح الأردن مقصدًا علاجيًا معترفًا به عالميًا. وعندما ننظر إلى هذه المنظومة مجتمعة، ندرك أن ما تحقق ليس وليد الصدفة، بل ثمرة تخطيط وجهود متراكمة قادها أطباء أكفاء وكوادر بشرية محترفة.
إن قصة نجاح عملية جراحية متقدمة في القلب خضعت لها زوجتي بقيادة الدكتور عدنان اللحام وفريقه الطبي ليست مجرد تجربة شخصية عابرة، بل شهادة جديدة على أن الأردن يسير بخطى ثابتة نحو ترسيخ مكانته كوجهة طبية رائدة. وما جرى في مستشفى البشير للتخصصات الجراحية هو دليل حي على أن القطاع الصحي الأردني يستحق الفخر والاعتزاز، وأن هذه الأرض قادرة على أن تقدم للعالم إنجازات صحية وإنسانية يشار إليها بالبنان.