سبق أن كتبت عن زيارتي الأولى لقرية SOS في عمان وأشرت إلى الجهود الإنسانية والتربوية والأخلاقية والاجتماعية التي تبذله
هذه القرى المنتشرة في اربد وعمان والعقبة في توفير بيئة تربوية سليمة لأطفال أبرياء كانوا ضحايا للممارسات وظروف مجحفة!
وحصلت اليوم على فرصة للاطلاع على تجربة ريادية تربوية فائقة الجودة!هي أمانة المظالم.
(١)
أمين المظالم
في اجتماع ضم المهندس مصطفى الوشاح، رئيس مجلس إدارة قرى الأطفال، و د محمود المساد عضو مجلس الإدارة، وبحضور المبدعة كفى المساندة مديرة تطوير البرامج.
استمتعت لتجربة رائدة قدمها بهاء طلال مهيدات
الأمين المختار بطريقة ديموقراطية حرة من قبل الطلبة (اطفال القرى). فالطلبة(اطفال القرى). ينتخبون من يثقون به أمينًا وقاضيًا ومحاميًا . وأمانة المظالم هي وحدة إدارية مستقلة تتبع هيئة إقليمية و دولية للمظالم . وحسب أقوال أمين المظالم المختار ديموقراطيّا فإنهم يعملون وفق مبادىء مهنية تحكم جميع ممارساتهم!
(٢)
مبادئ العمل
يعمل أمين المظالم على حل المشكلات البيْنِيّة التي تواجه الطلبة وفق المباديء الآتية:
-السِّريّة، والاحتفاظ بالمعلومات دون البوح بالمخالفات (لاي جهه) أو التشهير بأصحابها.
الحياد، والوقوف على مسافة واحدة من أطراف النزاعات .
-الاستقلالية، فأمين المظالم لا يتبع لأي مسؤول محلي. ويقدم تقاريره مباشرة لهيئة المظالم الدولية.
-السلوك غير الرسمي، بمعنى لا توجد ملفات توثق أخطاء الطلبة، كما لا تؤخذ الأخطاء مبررات لعقوبات مستقبلية.
(٣)
الدروس التربوية
إن هدف هذه المقالة لا تنحصر في الإشادة بهذه الفكرة فحسب، بل الإشارة إلى ما يمكن أن تلهمه هذه الأفكار لمدارسنا وممارساتنا التربوية.
الدرس الأول، هو أن الطلبة (اطفال القرى) هم من ينتخبون أمين المظالم بشكل حر ومباشر، وعبر عمليات ديموقراطية دقيقة، وبعد مقابلات منظمة.
والدرس الثاني، إن الطلبة (اطفال القرى) يختارون واحدًا من عدة أشخاص يعرفونهم جيدًا، فالمرشحون معروفون لدى الناخبين.
-الدرس الثالث، هناك ثقة كاملة بخيارات الطلبة، وأن الفائز هو من يعَيَّن أمينًا للمظالم.
(٤)
ثقافة مدارسنا
نحن لا نثق بطلبتنا، ولا نثق بمعلمينا، ولذلك لا نفكر بتطبيق الفكرة: أن ينتخب الطلبة مدير المدرسة، أو أن ينتخب المعلمون مديرهم! نحن لا نثق حتى بأن يقيِّم المعلمون طلبتهم، تحت ذريعة إنهم يتحيزون!
ماذا لو انتخب الطلبة والمعلمون أمينًا للمظالم في كل مدرسة؟
كيف سيتغير جو المدرس! وكيف ستحل قضايا التنمر المدرسي، وقضايا ضعف العلاقات بين أطراف العملية إلتربوية؟
ماذا لو طبقنا ١٠٪ من هذه الفكرة وسمحنا للطلبة بتقييم معلميهم؟
ماذا لو سمحنا للمعلمين بالمشاركة في تقييم الطلبة بنسبة ٢٠٪ من علامة التوجيهي؟
لكن مع الأسف ثقافتنا:
لا تثقوا بطالب ولا معلم!!
فهمت علي؟