نتنياهو يحرق المراحل لتحقيق احلامه
كمال زكارنة
17-09-2025 09:59 AM
تجاوز نتنياهو جرائم الإبادة والتهجير للشعب الفلسطيني، وأصبحت خلفه معتبرًا إياها تحصيل حاصل، وأنه قد قررها ويمارسها وماضٍ في تنفيذها. وهو يسابق الزمن الآن للانتقال الفعلي من الأهداف إلى الأحلام، فهو يعتقد أنه أصبح على مقربة من تحقيق أهدافه في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة. في غزة، يمارس الإبادة الجماعية والتهجير الزاحف من الشمال إلى الجنوب، وتكديس مليونيْن وربع المليون فلسطيني جنوبي القطاع، على حافة الحدود المصرية الفلسطينية، واضعًا الفلسطينيين والمصريين في موقف حرج للغاية. بالنسبة للفلسطينيين، إما الموت المؤكد والمحقق أو التهجير، وكلاهما مرّ. وبالنسبة لمصر، إما استقبال المهجرين من القطاع وتداعيات ذلك وانعكاساته على القضية الفلسطينية وأمن مصر القومي، وإما موت الفلسطينيين أمام أعين الجميع، وكلا الخيارين مرّ. وليس أمام مصر إلا قبول أحد الخيارين أو دخول حرب واسعة وشاملة مع إسرائيل.
نتنياهو مقتنع تمامًا بأن الفرصة المتاحة له في هذه المرحلة لا يمكن أن تتكرر مرة أخرى، ويعمل بكل ما أوتي من قوة لاستغلالها لتحقيق أحلامه بإقامة إسرائيل الكبرى، ودخول التاريخ اليهودي من أوسع أبوابه، ليخلده ملكًا أبديًا لمملكة يهودا كما أوصته التوراة حسب معتقداتهم.
أركان فرصة نتنياهو لتحقيق أحلامه هي وجود إدارة ترامب في البيت الأبيض وعلى رأس السلطات في أمريكا، والانهيار العربي غير المسبوق الذي أصاب نتنياهو بالذهول، كما يتحدث في الغرف المغلقة، حيث يقول إنه لم يتوقع يومًا أن يكون الموقف العربي غائرًا ومحنطًا إلى هذا الحد، رغم الإبادة الجماعية التي يقوم بها ضد الشعب الفلسطيني وإزالة قطاع غزة من الوجود، دون اعتراض أو القيام بأية خطوات عملية ضد الكيان، فلا قطع للعلاقات من أي نوع، ولا تجميد للتطبيع ولا تهديد بذلك ولا تحذير، وكأن الفلسطينيين ليسوا عربًا.
نتنياهو لم يعد يخفي أهدافه وأحلامه ومشاريعه وطموحاته، ليس هذا فحسب، بل يعلن أمام الجميع أنه يستخدم دولًا عربية لتحقيقها على حساب دول عربية أخرى. ويؤكد يوميًا أن هدفه الرئيس في قطاع غزة هو إبادة سكان القطاع وتهجيرهم، وأغلق جميع أبواب ونوافذ المفاوضات، ويهدد جميع الدول العربية بالوصول إلى أية أهداف يستهدفها أمن الكيان.
نتنياهو يضع المنطقة الآن أمام أزمة جديدة وصراع جديد، وهي إسرائيل الكبرى، والتوسع العدواني الذي يؤجل تنفيذه صمود الجبهة الفلسطينية والشعب الفلسطيني في فلسطين المحتلة، وإذا انهارت الجبهة الفلسطينية لا سمح الله، فإن حلم إسرائيل الكبرى سيصبح خطرًا ماثلًا يهدد الجميع، لذا لا بد من العمل على تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في أرضه، حتى يظل حائط الصد القوي، في وجه الأحلام والمشاريع الإسرائيلية التوسعية والعدوانية.
التوراة هي المحرك الرئيسي لنتنياهو، فهو رجل عقائدي أيديولوجي متطرف دينيًا، ينفذ تعاليم دينية إجرامية متشددة.