الحسبة .. أم ساحة الأفراح المدفونة؟
د. حمزة الشيخ حسين
24-09-2025 10:18 AM
الحسبة أو ما يُطلق عليها أهالي إربد القدماء بـ ساحة الأفراح، اسم ارتبط بالذاكرة الشعبية لأبناء المدينة، إذ كانت يومًا ملتقى للفرح وميدانًا لاجتماع الناس في مناسباتهم. غير أن هذا الاسم لم يتغيّر فحسب مع الزمن، بل جرت عملية تبديل شوهت جوهره، ليُستبدل اليوم بتسمية “الجورة”؛ وهي كلمة تثير الاستياء لدى الأهالي، إذ يرون فيها مساسًا بتاريخ المكان ورمزيته الاجتماعية.
اليوم، ونحن نشاهد البلدية تبدأ عملية طمر الموقع بالتراب بعد أن ظل محفورًا لسنوات طويلة، يفرض السؤال نفسه: ماذا حدث للمشروع التجاري الذي وُعِد به الناس؟ ذلك المشروع الذي كان سيحوّل المكان إلى مركز اقتصادي يرفد صندوق البلدية بعوائد مالية كبيرة، ويوفر فرص عمل لعشرات الشباب من أبناء المدينة.
للأسف، المشروع لم يرَ النور. ورغم أن البلدية قامت بالتجهيزات الأولية، إلا أن العقبة الكبرى كانت غياب الدعم الحكومي وعدم توفير الموافقات اللازمة للتمويل، لتتوقف الخطط عند حدود الأوراق، ويُدفن المشروع كما يُدفن الموقع اليوم تحت التراب.
إن ما جرى ليس مجرد إلغاء مشروع تجاري، بل هو إهدار لفرصة تنموية كانت إربد بأمسّ الحاجة إليها. بلدية المدينة لا تستطيع بمفردها تحمّل كلفة مشاريع استراتيجية بهذا الحجم، والحكومة مطالَبة بدعمها لا بعرقلتها.
اليوم نطرح السؤال بمرارة: هل دفنت الحكومة حسبة الأفراح، أم أنها دفنت مشروعًا تجاريًا كان يمكن أن يكون رافعة لصندوق البلدية ومتنفسًا اقتصاديًا لأبناء المدينة؟
أبناء إربد يستحقون إجابة، ويستحقون قبل ذلك أن تُحترم ذاكرة مدينتهم وتُصان حقوقهم في مشاريع تنموية حقيقية، لا أن تُدفن طموحاتهم تحت التراب…