تحديات "نطاق الإشراف" في الإدارة الأمريكية
أ.د. سعد ابو دية
26-09-2025 10:29 PM
الكل في يد المجمَّع الصناعي الأمريكي، ونتنياهو كذلك، وحتى ترامب نفسه. وهذه المرة تختلف عن سابقتها؛ فالآن أمامه قضايا معقّدة بدأتُ أشعر أنه سينهار والأرجح عدم استمراره. لقد ساهمت إدارته في المزيد من تفاقم الأوضاع، كما حدث في أوكرانيا، وهو وضع معقّد للغاية.
لقد تأثّرت مصداقيته في الخليج العربي بعد الهجوم على قطر، وقد تتأثر التحالفات القديمة. وهناك بوادر لذلك، مثل تحالف السعودية مع باكستان. هذا بدوره يؤثر على مواقف الخليج تجاه دعم حلفاء أمريكا في لبنان، وهو ما يصب في صالح المقاومة هناك. كما ساءت علاقته مع بوتين.
لم يتوقع أحد أن تكون نتائج غزة كما هي الآن، ومن أطلق عليها اسم "الطوفان" كان يقرأ الغيب. وما حصل مُحرج لأمريكا بسبب تمادي نتنياهو. والآن، دخلت الصين وروسيا لحماية إيران، وهناك توجّه روسي لحماية سلمية الصناعة النووية.
في عهد ترامب الحالي، حصلت مواجهة بين إسرائيل وإيران، وبين إيران وأمريكا، وكانت لصالح إيران تقريبًا. تمادى ترامب في الضغط على حلفائه بالرسوم الجمركية، وضغط على الأوروبيين، وظنّ أنه حقق نجاحًا عندما خدع بوتين في مبادلة سوريا بأوكرانيا.
ليس هناك أي استقرار لا في غزة، ولا أوكرانيا، ولا سوريا، ولا لبنان، وربما فنزويلا، وربما أوروبا، وربما أفغانستان. هناك مبدأ إداري يُدعى "نطاق الإشراف" (SPAN OF CONTROL)، وهو مبدأ معروف منذ أيام الإغريق. نطاق الإشراف لدى ترامب اتسع كثيرًا، وأرهقه الخصوم عن عمد ربما؛ إذ يورّطونه تدريجيًا. وليس لديه خطط أحيانًا، بل ارتجال يهدّد الأفغان بالنتائج السيئة، ويهدد المقاومة في غزة، ويهدد كل من ليس معه. ووصل التهديد إلى القضاة في المحاكم الدولية.
تُلاحَظ أنها سياسة "عرض الرجل الواحد" (ONE MAN SHOW). ووجدتُ أن نطاق الإشراف له مقابل في الثقافة المصرية، إذ يقول المصريون مثلاً: "أبو بالين كذّاب". وفي الدين الإسلامي والمنطوق القرآني الكريم: {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ} (سورة الأحزاب، الآية 4).