facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الحضارة ليست فقط في عمّان


فيصل سلايطة
29-09-2025 09:56 AM

حين نتحدّث عن الحضارة في الأردن، ينصرف ذهن الكثيرين مباشرةً إلى العاصمة عمّان، بوصفها المركز السياسي والاقتصادي والإداري. غير أنّ هذا الاختزال يظلم بقية المدن والمحافظات التي تحمل في باطنها تاريخاً ضارباً في العمق، وإرثاً لا يقلّ قيمةً عن ما تُعرف به العواصم. ومن أبرز الأمثلة على ذلك مدينة مادبا، التي تشهد شوارعها، وأرضها، وفسيفساؤها، بأن الحضارة في الأردن ليست محصورة في العاصمة.

مادبا مدينة تعجّ بالآثار، وتحمل لقب "مدينة الفسيفساء"، تلك الفسيفساء التي تعود إلى العصور البيزنطية ، والتي لو كانت في روما أو أثينا أو غيرها من المدن الأوروبية، لدرّت على أهلها المليارات من الدنانير عبر السياحة الثقافية والدينية. مادبا سُمّيت قديماً "الملكة" و أيضا "مدينة المسيح" ، وكانت الملكة الثالثة في ترتيب ملكات العالم القديم، وهذا بحد ذاته كافٍ لتذكيرنا بأن هذه المدينة ليست مجرد محطة ثانوية في تاريخ الأردن، بل هي حضارة قائمة بذاتها.

لكن المفارقة المؤلمة، أنّ الضرائب التي تُجبى من المحافظات، ومنها مادبا، تُسحب لتُضخ في العاصمة، وكأنّ المدن الأخرى ليست بحاجة إلى تنمية، وكأنّها مجرد أطراف تابعة للمركز. والسؤال المشروع هنا: هل يجب أن تبقى مادبا هكذا؟

مادبا لم تكن يوماً مدينة صامتة على الهامش؛ بل كانت في زمن قريب مضى منارة حضارية ، تضم مراكز ثقافية وتعليمية و سينما، وحاضنة للحضارة الاجتماعية، حيث كان المجتمع متكاملاً، متجانساً، بتنوّع طبقاته وأطيافه وانتماءاته. كانت نموذجاً للمدينة التي تعكس التوازن بين الأصالة والتطور. واليوم، آن الأوان لإعادة النظر في طريقة إدارة هذه المدينة وسائر المحافظات.

يجب أن تكون هناك خطة تنموية شاملة، لا تقتصر على البنية التحتية والخدمات الأساسية، بل تمتد لتشمل الاستثمار في الثقافة، والسياحة، والتعليم، والفنون. على الدولة أن تدرك أن المحافظات يمكن أن تكون منارات للناس وجذباً للسياح، شرط أن يتم الحفاظ على أصالتها، ومكوّنها الثقافي والشعبي، لا أن تُستنزف مواردها لصالح العاصمة فقط.

الأردنيون يفخرون بانتمائهم لمناطقهم: نقول "مادباوي أصلي"، "معاني أصلي"، "كركي أصلي"، وهذا الانتماء يعكس عمق الأصالة في المحافظات. لكن نادراً ما نسمع أحداً يقول "عَمّاني أصلي"، والسبب واضح: عمّان مدينة حديثة النشأة مقارنةً ببقية المدن التي تحمل جذوراً عميقة في التاريخ.

إذن، الحضارة ليست فقط في عمّان. الحضارة في كل مدينة وقرية وبلدة حملت إرثاً وذاكرةً، وعاشت قصة من قصص التاريخ. ومادبا، بما تحمله من فسيفساء وكنائس وآثار، ومن مجتمع متجذّر في الثقافة والأصالة، يجب أن تُعامل بما تستحقه من اهتمام، وأن يُعاد إليها دورها كـ ملكةٍ من ملكات العالم القديم، لا مجرد تابع يمدّ العاصمة بما يحتاجه من ضرائب.

إن النهضة الحقيقية للأردن لن تتحقق بالتركيز على العاصمة وحدها، بل عبر توزيع التنمية بعدالة، وإحياء إرث المدن العريقة، لتكون كل محافظة حاضرة بذاتها، مساهمة في صناعة الحاضر، وصوناً لذاكرة الماضي.

نمتلك كل مقومات السياحة ، نمتلك التاريخ و الإرث و العادات الجميلة و الفنون الشعبية و الآثار و الناس الطيبة و النقطة الأخيرة هي حلم بحد ذاته لدول عديدة ، فمن الصعب جدا في المحافظات التفريق بين المسلم و المسيحي ، هذا النسيج المتماسك تماسك الفسيفساء و الجميل كجمالها هو أمنية لدول تعاني من العنصرية و الاقتتالات الداخلية ، فلماذا لا يشجعنا على الاستثمار أكثر؟ ف
ولماذا لا زلنا ندور في ذات الدائرة؟

المهمّة مشتركة ، و على الدولة أن تلتفت إلى أهمية دمج الثقافة و الاصالة و الآثار في منهج واحد يصدّر مشروع متكامل من "الصورة" فالصورة التي نكوّنها عندما نزور الصين أو اسطنبول ، يجب أن نستثمر بها هنا...فالتقدم لا يُبنى بالاهمال.. بل بالاهتمام.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :