بغضّ النظر عن تفاصيل العلاقة بين أي نائب والحزب الذي يمثّله في مجلس النواب أو غيره، ولطالما أنّنا في بلد ديمقراطي وأحزابنا تمأسست على النهج الديمقراطي، فإنّ الاختلاف في وجهات النظر يُعدّ أمراً صحيّاً، وفيه مساحة للاجتهاد بين الفرقاء حول مصلحة الوطن العليا ، كما انه من الطبيعي أن يفصل الحزب أحد أعضائه من عضويته الحزبية وفقاً لنظامه الداخلي وقواعد تأسيسه، فهذا شأن داخلي خاص به. أمّا عندما يتعلق الأمر بفصل ممثله في مجلس النواب، فالمسألة مختلفة إذ إنّها تلامس سيادة المجلس، ونظامه الداخلي، وقدسية قبته، وحصانة أعضائه سيما وان للمجلس منظومة من الأسس والقوانين والأعراف التاريخية التي شكّلت القواعد الوطنية والقانونية لمسائلة ومحاكمة النواب، والتي تقدم مصلحة الوطن وصوت المواطن فوق أي اعتبار.

وبناءً على ذلك ومن وجهة نظري لا يعود الحزب وحده مالك القرار بفصل ممثله ونائب الامة التي حملته بثقتها الى قبة البرلمان ، وإنّ المخالفات التي نسبها الحزب إلى النائب الجراح لاترقى لان تكون جريمة وطنية وانما تبقى في اطار مخالفات سلوكية داخلية وإدارية خاصة بالحزب ، ولا تمسّ المصلحة الوطنية العليا، ولا تتعارض مع أنظمة الدولة وقوانينها وتشريعاتها، ولا تخدش حتى الحياء الاجتماعي او حسن الجوار مع الجيران .

وبالتالي، سيكون من المستغرب أن يُعاقَب نائب سواء الجراح أو غيره بالفصل من عضوية المجلس النيابي بسبب اختلافات في وجهات النظر أو تضارب في قناعاته مع اجندات حزبه وعلى الحزب أن يتحمّل مسؤولية قراراته في ترشيح ممثليه، سواء في مجلس النواب أو غيره من مجالس التمثيل الديمقراطي، وأن يكون واثقاً من ملاءة مرشحيه لبرامجه وأجنداته والا يفقد مقعده في مثل حالة الدكتور الجراح فالغلبة في النهاية لخيارات المواطن الذي بمنح النائب الثقه لاغيره ، وهو في المحصلة ممثل له وللوطن، ولاصوت يعلو فوق صوت المواطن ومصلحة الوطن ، ودمتم بود ٠