الشللية الثقافية تفسد المشهد الثقافي
علي القيسي
03-10-2025 03:39 PM
طالما فتحنا الحديثَ عن الثقافةِ في بلدِنا، لا بدَّ من الإشارةِ إلى موضوعِ الشَّلَلِيَّةِ المتفشيةِ في الوسطِ.
هناكَ ظاهرةٌ غريبةٌ في هذا الصددِ: أدباءٌ كبارٌ يطلبونَ من المبتدئينَ الشبابِ في كتابةِ الخواطرِ والرسائلِ العاطفيةِ تنظيمَ احتفالاتٍ لـإشهارِ وتوقيعِ كتبِهِم. ويكونُ هؤلاءِ الأدباءُ والنقادُ والشعراءُ مشاركينَ في المهرجانِ الكرنفاليِّ المهيبِ.
وهناكَ أسماءٌ كبيرةٌ غدتْ تجاملُ على حسابِ رداءةِ النصوصِ وهشاشتِها ليظهروا فقط في الفيسبوك والإعلامِ وهم يُسلِّمونَ الدروعَ والشهاداتِ وسطَ جمهورٍ غافلٍ عن هذهِ المسرحياتِ.
طبعاً هم أحرارٌ في ذلكَ هؤلاءِ النقادُ، ولكنَّ الضررَ يقعُ على الإنتاجِ الأدبيِّ المأمولِ أنْ يكونَ بمستوى هذا التكريمِ.
والأشخاصُ الكبارُ المشاركونَ في النقدِ والشهادةِ الإبداعيةِ التي ظهرتْ مؤخراً في عالمِ الثقافةِ، أنتَ تشهدُ شهادةً إبداعيةً "لطفلةٍ" لم تتجاوزْ ستةَ عشرَ عاماً وهي ما زالتْ على مقاعدِ الدراسةِ! وهذا مثالٌ وليسَ الحصرَ.
والغريبُ في الأمرِ أنْ يعتليَ المنصةَ أربعةٌ أو أقلُّ أو أكثرُ من الجهابذةِ ومن أجلِ هذهِ الصبيةِ التي لا تعرفُ من التجربةِ الأدبيةِ والحياتيةِ والإبداعيةِ سوى القليلِ؟! فهم يُحلِّلونَ وينقدونَ ويقدمونَ شهادةً إبداعيةً ونقديةً وكأنها الخنساءُ.
نحنُ نعلمُ ونعرفُ أنَّ الشهادةَ الإبداعيةَ يقدِّمُها أديبٌ كبيرٌ لكاتبٍ وأديبٍ معروفٍ مضى على تجربتِهِ الإبداعيةِ والأدبيةِ عقودٌ وأعوامٌ ولهُ من المؤلفاتِ الكثيرُ، ولهُ تجاربُ في الكتابةِ والصحافةِ والروايةِ والقصةِ على مدى سبعينَ عاماً.
هذهِ الظاهرةُ أصبحنا نشاهدُها في كثيرٍ من المنتدياتِ، وهذا الأمرُ يُعدُّ من ثقافةِ التفاهةِ والرداءةِ التي اكتسحتْ كلَّ شيءٍ في هذا العالمِ وللأسفِ.