إسرائيل بين ذروة العلو وحضن العالم الإسلامي .. هل الحماية الأمريكية أبدية؟
د. حمزة الشيخ حسين
04-10-2025 10:42 AM
اليوم نشهد قمة العلو والفخر الإسرائيلي على العالم الإسلامي، إذ تضرب إسرائيل حيثما تشاء وتحتل الأراضي التي تراها مناسبة لمصالحها الاستراتيجية، مدعومة بحليفها الأقوى عالميًا: الولايات المتحدة الأمريكية. هذا الدعم لا يقتصر على الجانب العسكري فقط، بل يمتد إلى جسر إمداد متكامل يشمل السلاح، التمويل، والدعم السياسي والدبلوماسي.
لكن السؤال الجوهري: هل تستطيع الولايات المتحدة والغرب أن يمدوا إسرائيل بالدعم إلى الأبد؟
من المعروف أن المجتمع الإسرائيلي الحالي يضم ما يقارب عشرة ملايين نسمة، مع توقعات بتضاعف هذا العدد خلال العقود القادمة بفعل التكاثر والهجرة. وهنا تبرز تساؤلات واقعية:
هل الإنتاج الزراعي والحيواني في إسرائيل كافٍ لتغطية احتياجات دولة يصل عدد سكانها إلى عشرات الملايين؟
هل مواردها المائية المحدودة تستطيع تلبية هذا الطلب المتزايد؟
وهل تستطيع الولايات المتحدة تمويل هذه الدولة إلى ما لا نهاية، وتزويدها بالسلاح المجاني إلى أجل غير مسمى؟
الجواب المنطقي: لا. لا يمكن لأي دولة، مهما بلغت قوتها، أن تتحمل عبء تمويل وتسليح دولة أخرى بشكل دائم. فالقوة الأمريكية نفسها تواجه تحديات اقتصادية وسياسية داخلية، كما أن أولوياتها العالمية تتغير مع الزمن. ومن ثم، فإن قدرة إسرائيل على الصمود إلى الأبد تبدو محدودة بمقاييس الواقع الاقتصادي والديموغرافي والجيوسياسي.
لهذا نرى أن إسرائيل تتبنى إستراتيجية توسعية واضحة، تهدف إلى السيطرة على الأراضي، والموارد، وحقول الغاز والنفط في محيطها، لتضمن استمرار بقائها وسط بيئة معقدة. هذه السياسة ليست جديدة في التاريخ؛ فروسيا، عندما شعرت بأن حدودها مع أوكرانيا باتت تشكل تهديدًا، تحركت لاحتلال مناطقها واستغلال مواردها لصالح الدولة الروسية. إنها منطق التوسع الذي تفرضه قواعد القوة لا الشعارات.
في المقابل، تبقى الدول العربية والإسلامية الاستثناء الوحيد تقريبًا في العالم؛ إذ تملك ثروات هائلة في باطن الأرض، لكنها لا تتوسع ولا تستخدم قوتها الدفاعية لحماية مواردها. بل تلتزم حدودها وتلوذ بالصمت حتى في وجه محاولات الغرب المستمرة للسيطرة على ثرواتها النفطية، والسبب الأبرز هو ضعف أدوات الردع وغياب القوة الرادعة الفاعلة.
لن تتمكّن إسرائيل من البقاء إلى الأبد، أولًا لصِغَر مساحتها الجغرافية التي لا تستطيع استيعاب شعبٍ آخذٍ في التزايد بشكل مستمر، فلا الأرض تسع، ولا الموارد تكفي، ولا البيئة المحيطة تحتضن. وثانيًا لأنها تعيش في قلب العالم الإسلامي، ذلك الحضن الأكبر الذي يراقبها بصمت، وينتظر اللحظة المناسبة لابتلاعها.
هذه هي قواعد اللعبة ببساطة: دولة صغيرة المساحة، غريبة الهوية، تحاول أن تفرض وجودها وسط محيط حضاري وديني وجغرافي لا ينسجم معها. إن التعايش الدائم بين شعبٍ غريب وجوارٍ إسلامي واسع أمر يكاد يكون مستحيلًا، مهما طال زمن الدعم الخارجي أو اشتدت قبضة الحماية الغربية..