على ثرى هذا الوطن الغالي، حيث تختلط رائحة التراب بعطر الوفاء، ويُكتب المجد على صفحات التاريخ بأيدي الرجال المخلصين، يظل المعلم صورةً متوهجة، حاملًا للرسالة، صانعًا للوعي، ومنبتًا للنهضة في عقول الصغار وقلوبهم. هو من يزرع الفكر قبل الحرف، ويغرس القيم قبل المعرفة، لأنه يدرك أن بذور العلم تحتاج صبرًا وإخلاصًا كي تُثمر نهضةً لا تزول.

من الكتاتيب الأولى، حيث كان الأطفال يتعلمون حروف الضاد على ألواح خشبية تتشح برائحة الطفولة، إلى الصفوف الحديثة المليئة بالتكنولوجيا والسبورات الذكية، ظل المعلم ركيزة ثابتة في صرح التربية، سراجًا لا ينطفئ، وبذرةً لا تنمو إلا في أرضٍ يملؤها الحب والاحترام.

وفي حضرة صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله، تتجلى مكانة المعلم في قلب الرؤية الوطنية، إذ يرى الملك أن النهضة الحقيقية تبدأ من التربية، وأن الاستثمار في الإنسان هو أعظم استثمار يمكن أن يقدمه الوطن لنفسه. ويقف المعلم في هذا الإطار شريكًا في بناء المستقبل، جسرًا يربط الأحلام بالواقع، وطريقًا يشق الصعاب بعزم لا يلين.

وعلى نهج جلالته، تأتي جلالة الملكة رانيا العبدالله، التي آمنت منذ البداية بأن المعلم هو روح العملية التعليمية، وأن دعمه هو الأساس الذي يرسخ جودة التعليم ويمنحه إنسانيته. حضورها الدائم في الميدان، ومبادراتها الرائدة، تشهد على أن رفعة الوطن تبدأ من تقدير معلميه وتمكينهم بما يستحقون من رعاية واهتمام.

وفي ضوء هذه الرؤية السامية، تمضي الحكومة الأردنية ممثلةً بوزارة التربية والتعليم بخطى واثقة نحو تجسيد معاني النهضة التربوية، يقودها معالي الوزير الأستاذ الدكتور عزمي محافظة، الذي لا يكتفي بوضع الخطط والسياسات، بل يشارك في كل تفاصيل العملية التعليمية، يراقب تنفيذ البرامج، ويستمع للمعلمين والطلاب على حدّ سواء، ويحفّز الكوادر على الإبداع والتميز. هو من يجمع بين الفكر الأكاديمي العميق والحكمة الإدارية، يرسم السياسات بعين ترى الغد، ويقود المسيرة بوعيٍ يليق بأمةٍ علمت الدنيا أن النهضة تبدأ من الكتاب لا من الشعارات، ويبث في كل عمل روح الالتزام والعطاء، ليصبح المعلم في حضوره مفعمًا بالقوة والدعم، ورمزًا للتفاني في أداء الرسالة التعليمية.

ويأتي عطوفة الأمين العام للشؤون التعليمية الدكتور نواف العجارمة، عقل متقد وفكر تربوي متوهج، يمتلك رؤية استراتيجية تمتزج فيها الخبرة الميدانية بالابتكار النظري. يسير في مدارس الوطن، يتفقد الدروس ويستمع للمعلمين، ويشاركهم في كل تفصيل من تفاصيل العملية التعليمية، من صخب الفصل إلى صمت المكتب، ومن حبر السبورة إلى نبض الطالب. هو من يضيف للأفكار أجنحة، وللمعرفة ألوانًا، وللدرس روحًا متجددة، ليظل المعلم محركًا أصيلاً لكل نهضة، ومرشدًا لكل طالب نحو الرشد والإبداع. هنا يكتمل دوره كحلقة وصل حقيقية بين الرؤية والتطبيق، بين التخطيط والميدان، وبين الفكر والواقع، فلا يترك معلماً إلا ويحيي في قلبه عزيمة جديدة، ويغرس فيه يقينًا بأن كل جهد له صدى خالد في أفق الوطن، وكل بذرة علم رويت بالاهتمام والعناية ستزهر يومًا أجيالًا تحمل شعلة المستقبل.

ومن جهة الإدارة والدعم المالي والإداري، تبذل عطوفة الأمين العام للشؤون الإدارية والمالية الدكتورة سحر الشخاترة جهودًا متواصلة، لتجعل من البيئة التعليمية مكانًا منظمًا ومستقرًا، حيث يزدهر المعلم ويعمل في أجواء كريمة، ويجد كل الوسائل التي تمكنه من أداء رسالته النبيلة بأقصى قدر من التفوق والإبداع.

وهكذا تتكامل الأدوار في لوحة وطنية مشرقة، يتجلى فيها المعلم في يومه سراجًا للنهضة، ومصدر إلهام للأجيال، وبذرة صالحة في تربة الوطن التي تزهر بالقيم والمعرفة والوعي.

وأخيرًا، يظل المعلم شامخًا كما جبال الأردن، صلبًا كما إرادته، مضيئًا كما حلم الأجيال القادمة، ومنارة لا تنطفئ، تذكرنا دائمًا أن التعليم هو أول الطريق، وأن كل نهضة حقيقية تبدأ من قلب المعلم وعقله وروحه، فتظل يده تشق الطريق للمعرفة، وعقله يرسم خارطة المستقبل، وروحه تزرع الأمل في كل فؤاد، ليظل كل درسٍ يقدمه شاهدًا على أن المجد يصنعه من يمتلك الإخلاص والعطاء، ويزرع الحياة في عقول الأجيال كما يزرع الربيع أزهاره في حقول الوطن.!!!