ليس كل من يُدرّس يعلّم، فالتعليم ليس مهنةً تُمارس بالكتب فقط، بل رسالةٌ تُهدى من روحٍ إلى روح.
المعلّم الحقيقي لا يُلقّن، بل يُضيء؛ لا يزرع الحروف فحسب، بل يزرع معها معنى الحياة.
حين نقول شكرًا معلّمي، فنحن لا نشكر من أعطانا معلومةً، بل من منحنا اتجاهًا في الفكر، ونورًا في الطريق.
العلمُ هو أجمل ما يورّثه الإنسان لغيره، والتعليم هو أعظم شكلٍ من أشكال الكرم.
إنه أن تهدي من وقتك وجهدك وإيمانك بما هو أبقى من المال، أن تُهدي علمًا من روحك، لا من دفترٍ أو شاشة.
كان المعلّم في الأمس يُعلّم تحت شجرة، في ضوء شمعة، لكنه كان يصنع أجيالًا تبني أوطانًا.
أما اليوم، ففي زمن الأجهزة الذكية والصفوف المكيّفة، بات الخطر أن يُصبح التعليم آلةً بلا وجدان.
هنا تكمن المعادلة الأصعب:
أن نُدخل التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في التعليم، دون أن نُخرج الإنسان منه.
فالذكاء الاصطناعي قد يُجيب على سؤال، وقد يشرح درسًا، لكنه لا يستطيع أن يُلهم، أو يربّت على قلب طفلٍ خائف، أو يُشعل في طالبٍ شرارة الحلم.
إنها المهنة الوحيدة التي لا تنجح بروبوتات، لأن التعليم الحقيقي لا يُستنسخ، بل يُنقل بالنَّفَس والإحساس والقدوة.
ولكي يُبدع المعلم، يحتاج إلى من يؤمن به.
مديرٌ داعم، يرى في المعلّم شريكًا لا موظفًا،
ومؤسسةٌ تحتضن الإبداع و تنمّيه ، و أن يكون المعلم قادرا على التطور ، متقبّلًا للنقد البنّاء ،
فالمعلم لا يستطيع أن يُحلّق إن لم تُفتح له النوافذ، ولا أن يزرع الأمل إن كانت أرضه مجدبة من الدعم والتقدير.
في النهاية، سيبقى المعلّم — مهما تغيّر الزمن — القلب النابض لكل حضارة.
هو البداية لكل طبيب، ولكل مهندس، ولكل شاعرٍ كتب "شكرًا معلّمي" من أعماق قلبه.
فشكرًا لكل من جعل العلم رسالة، لا وظيفة…
وشكرًا لكل من ما زال يعلّم بروحه، قبل أن يُعلّم بعقله.