بين ترامب والنوبل أيام تحكمها غزة
بسام محمد أبو رمان
09-10-2025 01:03 AM
تستعرض هذه المقالة حال غزة بين الحرب والهدنة... إلى أين تتجه الأمور في ضوء الخطة الأمريكية الحالية ومباحثات شرم الشيخ؟ عامان مرا على السابع من أكتوبر.. يوم تم أعادة تسليط الضوء على إحدى أطول المآسي الإنسانية في عصرنا الحديث، فهل تمثل الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب تغيراً حقيقياً في الموقف العالمي أم أنها مجرد تهدئة استراتيجية لها ما بعدها؟وكيف نقرأ موقف البيت الأبيض بعد موافقة حماس على خطته؟.
علينا أن نعي إبتداءً بأن الأمور لا تقاس إلا بغاياتها. فمن كان منا يعتقد بأن من شأن الخطة الانتهاء المباشر الى إعلان ميلاد فلسطين ضمن منظومة الأمم المتحدة، وخلال الأيام المعدودة القادمة، سأنصحه بقليل من "الزهد" في تلك التوقعات؛ ولا نبالغ بالتوكل على الله القادر المقتدر رب العالمين. إلا أن هذه المقالة ستقوم بإعادة صياغة التسلسل المنهجي الأكثر واقعية تجاه هذا الطموح. بالإضافة الى التركيز على الخطوات العملية الواجب اتباعها من قبل كلٍ منا كي لا نقصر بالأخذ بالأسباب قبل التوكل.
من حيث المعطيات، نستهل بتحليل الخطة من عنوانها وهو قاصر صراحة على "إنهاء حرب غزة" لا اجتثاث أسبابها ضمن قواعد الشرعية الدولية! فلنعد تقييم الخطة، ورد المقاومة على بنودها، ضمن الهدف والغاية المصرح بهما من طرحها كما يلي: يرى النتنياهو أن من شأن خطة ترامب حفظ ماء الوجه للجيش الإسرائيلي المهزوم. حيث لا يخفى على أحد- حتى ضمن أروقة الشارع الإسرائيلي- فشل قدراته العسكرية عن تحقيق أي إنجاز يذكر بالميدان ناهيك عن تحرير الرهائن! وهي المرحلة التي نشهد فيها أثر المقاومة على الصمود، إلا أنها تؤكد في ذات الوقت على محاصرة هذا الجيش المهزوم والحد من خياراته تجاه الإمعان في الإبادة الشاملة دون استثناء، أو حياء من شعوب العالم أجمع. إذن ببساطة، جاءت الخطة كمخرج دبلوماسي له ما له من قدرة على تحقيق ما عجز عنه العتاد الإسرائيلي؛ بينما يستغل البيت الأبيض الفرصة الكاملة للنجاح في تحرير الرهائن- باعتبار أنها ما سيعلق بذاكرة الشعوب بصرف النظر عما بعدها.
التقطت الفلسطينيون بالمقابل، الرسالة الأمريكية وعملوا على استثمارها؛ بأن قاموا بتقديم ردهم الدبلوماسي الحريص على ما قد يهيئ للبيت الأبيض المطالبة باستحقاق جائزة نوبل للسلام من حيث قبولها وقف الحرب وتسليم الرهائن. لكنهم أقروا بالمقابل بالرهان على الدبلوماسية العربية، الشاهدة على واقع الحال والحاضرة لملء الفراغ بالخطة الأمريكية، عند إحالتهم كافة بنود الخطة الأخرى لنصوص الشرعية الدولية واستعدادهم للمفاوضة بشأنها تباعا. إذن وباختصار، تعي المقاومة أنها فاضلت بذكاء بين متابعة القتال الى الحد الذي تخسر فيه ورقتها الأكبر، المتمثلة بالرهائن بين القتل أو التحرير تحت وطأة الحصار والدمار، وبين الرهان على الدبلوماسية العربية الإسلامية ومن والاها من قيادات العالم الحر وشعوبه. هي بذلك بداية تغير حقيقي لا تعتمد إلا على ضمان استمرارية مصدر الضغط المتمثل بالدبلوماسية المدعومة بالرأي العام العالمي والغربي تحديدا، إلا أن يشاء الله.
أما عن دورنا وما يتوجب على كافة شعوب العالم المؤمن بالإنسانية ومعاني النضال وأشكاله على تعدادها، فأوجز بما يلي: من كان يؤمن بحق فلسطين عليه أن يعي تباعا أن مقاومة الشعب الفلسطيني للاحتلال موجودة من قبل السلاح، بل وأنها مستمرة بالوجود في ايديلوجية المؤمن بحقهِ بالنصر. لخطة ترامب ما بعدها عند إتمام المرحلة الأولى بتسليم الرهائن ووقف الحرب. حيث أن للإسرائيليين ما يملكون من قدرة على التلاعب بالنوايا الأمريكية، وإعادة تزييف الحقائق وافتعال أسباب القتال. وهو مبدأ تقره السياسة بصرف النظر عن رأينا فيه. الجميع يتلاعب والرهان على من يملك مفتاح استمالة الرأي العام العالمي واستدامة القدرة الدبلوماسية على الضغط.
وفي هذا الخصوص، لا أقل من ضرورة توحيد الكلمة حول الجهود الفاعلة والقيادية الملتزمة التي مارسها وما زال جلالة قائد البلاد على الصعيد الدولي. وجهوده في الإصرار على تفعيل الخطوات اللازمة للتمسك بالرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 19/ 7/ 2024 في حق فلسطين وإقرار حل الدولتين على الرغم من واقع الحال على الأرض. هي الجهود التي يجب على الجميع القياس عليها عند الحديث عمن يملكون الصفة الرسمية و/أو القدرة الشعبية على التأثير. هي جهود ليست بقاصرة على قادة الدول بل تشمل قادة الفكر والباحثين والمؤثرين وكل من موقعه- مع توحيد الصف خلف القيادة الهاشمية. جهود لا نملك التنازل دونها كي لا نصبح على ما فعلنا بين من ساهم في إطفاء بصيص الأمل. ولندرك جميعا استحالة النصر على من لا يملك شيئا ليخسره. ولتعلم غزة بمن فيها أنها تساهم في تحرير العالم من طغيانه بالمقابل.
"الرأي"