في رحاب الازهر .. والقاضي محمد عبدالسلام
أحمد سلامة
09-10-2025 10:51 AM
كنت اهندس مقالة عن احد معلمي ومعالم جيلنا، الاستاذ فهد الريماوي اطال الله في عمره، هذا الرجل الذي امسك على ولائه للناصرية حد المعجزة، لم يتغير ولم يتبدل
ساكتب عنه ما يستحقه..
لكن رسالة على وسيلة اتصال، قد داهمتني من استاذ اخر في حياتي هو القاضي المصري النبيل، الدكتور العالم محمد عبد السلام، مستشار فضيلة الامام الاكبر سيدنا الدكتور احمد الطيب حفظه الله ثناء على مقالة لي وتبجيلا منه لها، قد جعلتني اؤجل الكتابة عن ابي المظفر لاكتب عن محمد عبدالسلام…
ذات لحظة تأمل ساكن حنون عام ٢٠١٧م في ديوان ولي عهد البحرين، حين كان على رأسه اجمل شيوخ آل خليفة وانبلهم، قلبه طاهر، ومحياه وسيم.. استاذنته في اجازة دراسة لنصف عام انتويت قضاءها في الازهر الشريف رغبة مني في تطهر الروح من محنة الربيع العربي، حين كتب علي ان اعيشها في ابغض تطبيقاتها الضارية في مملكة البحرين، كان عنفا بأكثر من اللازم، وتحريضا موجعا من الخارج، وتدخلا بتأثير ضاغط على كل الاعصاب…
كان الدين، والتدين، التطرف والتسامح، من تاريخ قلعة الموت، حتى الهتافات البغيضة التأزيمية في كافة ارجاء الوطن العربي
قال لي معالي ابو دعيج اعزه الله: ليش ما تروح المدينة المنورة فيها نفحات روحانية بمجاورة الحبيب المصطفى تشفيك وتلهمك!؟
وهل هناك انبل واسمى من مجاورة الحبيب المصطفى!!
كنت منحازا دوما الى ذلك الصرح الفقهي الذي انشاءه الفاطميون، وتحول ليصير قلعة للاشاعرة والماتريدية، حامي فقه الجماعة واهل السنة.. وتلك مفارقة سيظل الازهر الشريف، يذكرنا اننا كلنا مسلمون، بصرف النظر عن كيفية تحوير الحب لله سبحانه من اتباع مذاهبنا..
اذن معاليه لي، ومن ثم استأذنت صاحب السمو الملكي الامير سلمان بن حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه.. وأذن ووافق بألفة ومودة لا تنسى.. وباشر الغني بخلقه، رفيق الرحلة الصعبة على مدار عشرية البحرين عصام الجاسم السفير في باريس الان، ورئيس مراسم سموه وقتذاك.. الاتصال مع الشيخ الصديق راشد بن عبد الرحمن سفير المملكة في مصر الغالية لترتيب الامور..
مضيت الى مصر الحبيبة، في الثاني من نيسان ربما انه كان اليوم الاول في رمضان المبارك او الثاني.. وتناولت طعام الافطار على مائدة ذلك الكريم الشهم الطيب، الشيخ راشد في فندق الفورسيزن، حيث كان يقيم وحيث اقمت بعدها طوال الرحلة في ذات الفندق..
خمسة اشهر في رحاب الازهر الشريف كانت خلاصة التجربة عندي صوفية فضيلة الامام الاكبر وعروبته الدافقة، وابتسامة حنونة لا مثيل لخلق صاحبها، مستشار فضيلته الاخ الحبيب الدكتور القاضي محمد عبدالسلام.. وعلم وفقه من علماء افذاذ هيأ فضيلته لي الفرصة
ان اكون بين ايديهم (الشافعي، وزارع، وعمارة، وغيرهم علماء اجلاء)
في اول لقاء تشرفت به المثول بين يدي سيدنا فضيلة الامام الاكبر وجالسنا (السفير الشيخ وانا) ما يربو عن الساعة، وجه في نهاية اللقيا الكريمة القاضي محمد عبد السلام للرعاية والاعتناء بي..
كان القاضي محمد عبدالسلام قد جاء للازهر الشريف من سلك القضاء.. وهو من نفذ في ظل التغيير الدرامي للحكم في مصر من (المرحوم مرسي)، الى (الرئيس السيسي) رغبة فضيلة الامام وحرصه على استقلال الازهر الشريف استقلالا ناجزا ليصير تعيين فضيلة الامام ليس قرارا رئاسيا وانما املاء لرغبة علمائه!!
كان القاضي الحبيب محمد عبد السلام، صورة من صور التاريخ الدرامي في ذاكرتي لمصر ولقبه القاضي قد اثار الكثير لدي من الدوافع التقرب منه والانصات لعلمه والتمثل لبعض خلقه..
القاضي محمد بن عبد السلام ذلك العربي المسلم الذي كان يجوب ازقة القاهرة، ينادي للجهاد والنزاهة ورفع الظلم والفساد عن العباد في فترة سطوة المماليك وجورهم.. كان هو العربي
من قال ان مصر تتوقف يوما عن صفتيها (الولودة والودودة) لا يعرف الحياة..
إن هذا القاضي، فيه كل رقة النيل، وعنف سيناء، وجبروت الصعيد.
محمد عبدالسلام، هادي، رائق، عالم، فقيه، نبيه.. صبور ينفذ الى ما يريد برقة وهدوء، لكنه حاسم كسيف من حرير..
ظل يشرف علي، ويتابع دروسي، ويكرمني بسؤال الاساتذة عني، ويتتبع مسيرتي..
من اجمل ذكريات الحياة، شرفي بلقياه، ثمة بشر تراهم فترة او لحظة او جلسة يأخذونك فيها الى عالم من الغيب والابتكار لا تعود انت كما كنت من قبل
كان محمد عبد السلام واحدا من هولاء!! الذي يجوب داخلك كانه قطعة موسيقى نبوية..
ولقد شرفني حين البسني وكيل الازهر الشريف (الجبة والعمامة) احتراما ربما لمثابرتي على العلم بعد ان كسا الشيب كلي، بالحضور
قبل يومين ارسل الي تعليقا يشبهه على مقالة عن اكتوبر لي.. تشبهه وتشبه مصر حين تكون وادعة.. وقام الصديق الودود (ابو رسول / محمود كريشان) بنشرها في صفحته بالدستور اول صحيفة اردنية رفعت شعار المنافحة عن الدستور في ظل فوضى عارمة ذات زمن اردني صعب
محمد عبد السلام ومصر والازهر وخليفة بن دعيج، وعصام الجاسم، وعبد الرحمن القاسمي، وابراهيم الجناحي، وعلي العايد وذيب القرالة
ومستشفى (الكاتب) في الدقي والشيخ راشد بوابات من شهوة للحياة وددت ان تظل في حياتي للابد
ما اعذب الوفاء وما الذ ان يكون الانسان قادرا على زرع الحب واستنطار الدفء لقلوب عباد الله
لقد دفأتني رسالة القاضي النبيل محمد عبدالسلام. حد نسياني كل مشاعر الخذلان، والتجاهل والنكران
ما احلى وفاء الكبار
احب ان اظل تلميذا في مدرسة الوفاء
صباح الخير
يا مصر
صباح الطيب يا محمد