facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جمال باشا الصرايرة… رجل بحجم وطن


د. عدنان متروك شديفات
12-10-2025 12:39 PM

في كل مرحلة من تاريخ الأردن، ينبثق رجال يتركون في الأرض أثراً، وفي الوجدان بصمة، وفي المواقف ما يُخلدهم في ذاكرة الوطن كأعمدة ثابتة لا تميل، وأركان راسخة لا تهتز، وبين هؤلاء، يتقدم اسم جمال باشا الصرايرة، لا باعتباره رجل دولة فحسب، بل نموذجاً متفرّداً للانتماء العملي، والقيادة الصامتة التي تتحدث عنها الأفعال قبل الأقوال.

لقد نشأ جمال الصرايرة في بيئة شبعت من الكرامة، وارتوت من معاني التضحية، فشبّ على أخلاق الرجال، وتربى على مفاهيم الخدمة العامة لا بوصفها وظيفة، بل رسالة ذات مضمون وطني وإنساني، وتجلّى هذا الحسّ العالي في مختلف المواقع التي شغلها، من الوزارة إلى رئاسة مجالس إدارات كبرى الشركات الوطنية، ليكون كل موقعٍ محطة جديدة في مشروع خدمة متكامل، يرتكز على العدالة، ويُدار بالحكمة، ويُثمر في حياة الناس.

حين نُعرّف الخدمة الوطنية، لا يكفينا وصفها بالقانون أو الوظيفة، بل لا تكتمل إلا بذكر أولئك الذين حمّلوها روحاً ومعنى، وجعلوا من مسؤولياتهم مدخلاً لتغيير حقيقي في حياة الأردنيين، وعلى رأسهم باشا الكرك، جمال الصرايرة، فهو لم ينتظر الأوامر ليفعل، بل استشرف حاجات الناس، وأدرك احتياجات المجتمعات، فبادر ومهّد وأطلق، وسعى إلى تطوير البنى التحتية، دعم التعليم، وساهم في الارتقاء بالخدمات الصحية والاجتماعية في الأغوار والمناطق الطرفية، مؤمناً أن مسؤولية القيادة تبدأ من الأطراف، وتنتهي عند مركز القرار.

ومن رحم تلك المبادرات، ولدت ثقافة وطنية رائدة " ربط الشركات الكبرى بخدمة المجتمع" لم يكن ذلك ترفاً تنظيرياً، بل ممارسة واقعية أسس لها الصرايرة، حين أدرك أن القطاع الخاص لا يكتمل دوره إلا حين يمدّ يده للمواطن البسيط، فيراه فيه شريكاً لا رقما، فكان أول من قدّم نموذجاً متكاملاً لعلاقة تكافلية بين التنمية الاقتصادية والتنمية البشرية.

وإذا تحدثنا عن الباشا، فلا بد أن نتوقف عند إنسانيته التي تسبق ألقابه، تراه في كل مجلس، وحينما تود أن تطلب منه خدمةً وقبل أن يفتح حديثه يقابلك بـ"إبشر"، تلك الكلمة التي تختصر الأردني في جوهره، وتفتح أبواب الكرم والمروءة قبل أن تُطرق، لم يُعرف عنه تكلف، ولا تغلّف، بل طبيعته الأردنية الصلبة الناعمة، التي تشدّ على الأيدي وتربت على القلوب في آن، لقد صنع لنفسه سيرة لا تُروى فحسب، بل تُتّبع، لأنه لم يُرِد الزعامة، بل أن يكون خادماً لأهله ووطنه وقائده.

وليس من قبيل المجاز أن نصفه بعين الملك، فقد كان في مجلس الأعيان صوتاً للحق، ونبضاً للمواطن، ومرآة تعكس هموم الناس بكل أمانة، ولم تمنعه المكانة عن النزول إلى الأرض، ولم تُغرِه المناصب عن ملامسة واقع البسطاء بل كان ولا يزال يقف شامخاً كالشجرة المثمرة صامتة، لكن ظلّها واسع، وثمارها لا تنضب.

جمال باشا الصرايرة، رجل حمل الأردن في قلبه، ولم يُفرّط بوجعٍ صغير شعر به أحد أبنائه، وفي كل مرحلة، كان حضوره مزيجاً من الحزم والحنان، من الجدية واللطف، من التخطيط والبساطة، وهذا سرُّ تأثيره، فلم يكن عابراً في الذاكرة، بل مقيماً في وجدان كل من التقاه، أو لمس ثمرة جهوده.

ختاماً كيف لمن تعلّم على يديه الكرم أن لا يمدّ له يد الامتنان؟ وكيف لأردني ذاق أثر عطائه أن لا يهمس بكلمة شكر؟ في زمنٍ ندر فيه الصدق في العمل، بقي جمال باشا الصرايرة شاهداً على أن الرجولة ليست صخباً، بل صمت يُثمر، وعمل يُحكى دون أن يُعلن.

إليك، يا باشا، نبعث محبة نقيّة لا يعتريها تصنّع، ونكتب عنك لا لنجاملك، بل لننصفك، فأنت من زرع، فأثمرت يداه خيراً، وسقاك الوطن وفاءً، وسنسقيك نحن دعاءً وشكراً.

وإن سألنا يوماً عن معنى المسؤولية، سنشير إليك.. وإن بحثنا عن القدوة، سنذكرك .. فمثلك لا يمرّ، بل يُقيم في ذاكرة الأجيال، ويدرس في جامعات العمل العام.

دمت للوطن، ودام الوطن بك.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :