هيئة وطنية لحماية الأجور وتصنيف الحد الأدنى للرواتب
المهندس مازن الفرا
13-10-2025 05:57 PM
يشكّل الأجر حجر الأساس في تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار الوظيفي. ومع تفاقم التفاوت في الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة، برزت الحاجة المُلِحّة إلى إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحماية الأجور وتصنيف الحد الأدنى للرواتب في الأردن، تكون مهمتها تنظيم العلاقة بين العامل وصاحب العمل على أسس عادلة وواضحة تراعي المؤهل العلمي، والخبرة، وطبيعة المهنة.
واقع الأجور في الأردن
رغم الجهود التي تبذلها وزارة العمل من خلال نظام حماية الأجور الإلكتروني، إلا أن التطبيق ما يزال محدودًا وغير شامل لكافة القطاعات.
فالكثير من العاملين، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، يعانون من تأخير في صرف الرواتب أو ضعف في الأجر مقارنة بتكاليف المعيشة.
كما أن الحد الأدنى الموحد للأجور لا يعكس الفروق في المؤهلات أو التخصصات، مما يؤدي إلى عدم العدالة في سوق العمل ويدفع الكفاءات إلى الهجرة أو ترك المهنة.
الحد الأدنى للرواتب لجميع المؤهلات
ليس من العدل تطبيق نفس الحد الأدنى للرواتب على جميع العاملين بمختلف مؤهلاتهم العلمية والمهنية وتخصصاتهم العملية، لأن لكل فئة قيمة إنتاجية ومسؤوليات مختلفة.
فالعامل الذي يحمل مؤهلًا جامعيًا أو فنيًا عاليًا لا يمكن أن يُعامل بالأجر نفسه الذي يُدفع للعامل غير المؤهل، كما أن المهن الطبية والهندسية والفنية تتطلب مهارات وجهدًا علميًا يجب أن ينعكس على مستوى الأجر.
إن العدالة في الأجور تتحقق بالتصنيف العادل الذي يراعي مستوى التعليم والخبرة وطبيعة العمل.
وهنا تبرز أهمية الهيئة الوطنية لحماية الأجور لتكون المرجعية في وضع سلم وطني متدرّج للأجور يضمن التوازن بين العدالة الاجتماعية ومتطلبات السوق.
تبعية الهيئة لوزارة العمل و الموارد البشرية
تُقترح تبعية الهيئة الوطنية لحماية الأجور وتصنيف الحد الأدنى للرواتب إلى وزارة العمل و الموارد البشرية، نظرًا لطبيعة مهامها التي تتقاطع مع سياسات التشغيل، التدريب، والتخطيط الاستراتيجي للكوادر الوطنية.
فوزارة العمل و الموارد البشرية تكون مسؤولة عن تنمية القوى العاملة، وتأهيل الكفاءات، وضمان استدامة العدالة في بيئة العمل.
ومن خلال هذه التبعية، يمكن للهيئة أن تعمل ضمن إطار وطني متكامل يربط بين:
سياسات التشغيل الوطنية.
برامج التدريب المهني والتعليم التقني.
تطوير معايير الأجور وفق احتياجات السوق.
مراقبة تطبيق نظام حماية الأجور إلكترونيًا في جميع القطاعات.
بهذا الشكل، تصبح الهيئة أداة تنفيذية وتنظيمية فاعلة داخل منظومة الموارد البشرية الأردنية، وليست مجرد وحدة رقابية إضافية.
الأثر الاقتصادي والاجتماعي
تأسيس هذه الهيئة سيكون له أثر مباشر في دعم الاستقرار الاجتماعي وتحسين بيئة الاستثمار، من خلال:
ضمان دفع الأجور في مواعيدها.
رفع الإنتاجية عبر تعزيز شعور العامل بالأمان والعدالة.
تقليل النزاعات العمالية.
تحفيز الكفاءات الأردنية على البقاء والعمل في وطنها.
تعزيز ثقة المستثمرين المحليين والأجانب بوجود منظومة شفافة ومنظمة للأجور.
خاتمة
إن تأسيس هيئة وطنية لحماية الأجور وتصنيف الحد الأدنى للرواتب تتبع لوزارة العمل و الموارد البشرية، هو ضرورة وطنية لضمان العدالة الاقتصادية وحماية الطبقة العاملة.
فالأجر العادل هو أساس الكرامة الإنسانية، وميزان الاستقرار الاجتماعي، ومحرك التنمية المستدامة.
وللحديث بقية..