facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تأثير الحقائب المدرسية الثقيلة على العمود الفقري للطلبة


لانا ارناؤوط
16-10-2025 11:44 PM

تُعد الحقيبة المدرسية أكثر من مجرد وسيلة لحمل الكتب والدفاتر، فهي ترافق الطالب يوميًا وتشكل جزءًا من روتينه المدرسي، إلا أن وزنها المفرط أصبح يشكل خطرًا حقيقيًا على صحة الطلبة، خصوصًا على العمود الفقري الذي لا يزال في طور النمو والتطور ففي السنوات الأخيرة ازدادت التحذيرات من أطباء العظام والباحثين حول العالم بشأن التأثيرات السلبية لحمل الحقائب الثقيلة على توازن الجسم ووضعية العمود الفقري، خاصة لدى الأطفال في المراحل الأساسية الذين يسيرون يوميًا لمسافات طويلة نحو مدارسهم وتوصي الدراسات العلمية بأن لا يتجاوز وزن الحقيبة 10 إلى 15 في المئة من وزن جسم الطالب، لأن تجاوز هذه النسبة يؤدي إلى انحناءات في العمود الفقري، وإزاحة لمركز الثقل نحو الأمام، مما يجبر الطفل على الانحناء أثناء السير أو الميل للخلف لتعويض الثقل، وهو ما يؤدي بمرور الوقت إلى إجهاد عضلي وألم مزمن في الظهر والرقبة والكتفين.

وقد أثبتت دراسات عديدة في هذا المجال أن الأطفال الذين يحملون حقائبهم المدرسية لفترات طويلة يعانون من آلام متكررة في أسفل الظهر والرقبة والكتف، كما تبين أن طول فترة حمل الحقيبة ووزنها الزائد يؤثران مباشرة على شكل العمود الفقري ومرونته وفي دراسة أُجريت على طلاب المدارس وُجد أن الوزن الزائد للحقيبة يؤدي إلى تغيرات طفيفة لكنها متراكمة في الفقرات القطنية، بينما أظهرت مراجعات علمية أخرى أن الأطفال الذين يسيرون لمسافات طويلة مع حقائبهم الثقيلة يكونون أكثر عرضة لتقوس الظهر أو اعوجاجه نتيجة الضغط المستمر على العضلات والعظام. وتُعد هذه المشكلة أكثر حدة في البلدان التي لا تتوفر فيها وسائل نقل مدرسية كافية أو خزائن في المدارس، ما يضطر الطلاب إلى حمل جميع كتبهم دفعة واحدة ذهابًا وإيابًا، كما هو الحال في كثير من مدارس الأردن.

في الأردن، يمكن ملاحظة هذه الظاهرة بوضوح في الشوارع صباحًا ومساءً، حيث يسير الطلاب وهم يحملون حقائب تكاد توازي وزنهم أو تزيد عنه أحيانًا كثير منهم يضطرون للمشي لمسافات طويلة في طرق غير ممهدة أو صعودًا ونزولًا عبر منحدرات، مما يزيد من الإجهاد على العمود الفقري والمفاصل. ومع غياب الدراسات الوطنية الدقيقة التي توثق متوسط أوزان الحقائب ونسبة الطلاب الذين يتجاوزون الحدود الموصى بها، يبقى الخطر قائمًا دون أرقام واضحة تدعم السياسات الوقائية لكن غياب الأرقام لا يعني غياب الخطر، فالمشاهد اليومية وشكاوى الأهالي والطلاب تكفي للدلالة على أن القضية تستحق اهتمامًا عاجلًا من وزارة التربية والتعليم.

ولأن مشكلة الحقائب المدرسية لا تتعلق فقط بوزنها، بل بطريقة حملها وتصميمها، فإن الحلول يجب أن تكون شاملة فالأطباء يوصون باختيار حقائب ذات حزامين عريضين ومبطنين لتوزيع الوزن بالتساوي على الكتفين، مع وجود حزام للخصر لتقليل الحمل عن الفقرات القطنية، كما ينصحون الطلاب بتعديل طول الحزام بحيث تبقى الحقيبة ملاصقة للظهر ولا تتدلى أسفل الخصر ومن جهة أخرى، يمكن للمدارس أن تلعب دورًا جوهريًا من خلال توفير خزائن للطلبة أو تنظيم الجدول الدراسي بحيث لا يحمل الطالب جميع كتبه يوميًا. كما يمكن للمناهج الحديثة أن تُراجع لتخفيف حجم الكتب أو تقسيمها إلى أجزاء فصلية أو رقمية لتقليل الحمل البدني على الأطفال.

إن معالجة هذه المشكلة تتطلب تعاونًا متعدد الأطراف بين وزارة التربية والتعليم ووزارة الصحة وأولياء الأمور، إضافة إلى دعم المؤسسات المعنية بالصحة المدرسية لإجراء فحوصات دورية للطلبة ورصد أي تغيرات في العمود الفقري مبكرًا قبل أن تتطور إلى حالات مزمنة فكل جيل يعاني من ضعف في البنية الجسدية هو جيل مهدد في إنتاجيته وصحته على المدى البعيد وبهذا المعنى، فإن الاهتمام بالحقيبة المدرسية ليس رفاهية، بل استثمار في صحة المجتمع المستقبلية.

إن وزارة التربية والتعليم في الأردن مدعوة اليوم إلى النظر بجدية في هذه القضية التي تمس جميع الطلبة دون استثناء، وإطلاق حملة وطنية شاملة للتوعية بخطورة الوزن الزائد للحقائب وتدريب الطلبة على كيفية حملها بطريقة آمنة كما أن إجراء دراسة وطنية لقياس أوزان الحقائب ومتوسط المسافة التي يقطعها الطلبة يوميًا سيكون خطوة أولى في الطريق الصحيح لوضع حلول واقعية وعادلة تراعي ظروف جميع المناطق، خاصة تلك التي لا تصلها وسائل النقل المدرسي.

في النهاية، يمكن القول إن العمود الفقري الذي يحمل جسد الطفل اليوم هو نفسه الذي سيحمل أحلامه ومستقبله غدًا، وإن تجاهل هذه المشكلة قد يعني أننا نُضعف أجيالًا قادمة في صمت إن الحقيبة المدرسية يجب أن تكون وسيلة للعلم لا عبئًا على الجسد، وعلى كل مؤسسة تربوية أن تتحمل مسؤوليتها في الحفاظ على توازن المعرفة والجسد معًا، لأن التعليم لا يكون مثمرًا إلا في جسد سليم قادر على السير نحو المستقبل بخطى ثابتة ومستقيمة.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :