facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




حينَ يتكلّمُ الزيفُ بلسانِ الوطن


يحيى الحموري
21-10-2025 12:28 PM

أيّها الوطنُ الجليلُ، كم غدرتْ بكَ الألسنُ التي كانتْ تُقبّلكَ لفظًا وتطعنكَ فعلًا!
كم في ساحاتك من وجوهٍ تتوضّأ بالكلماتِ، وتنجّسُها بالأفعال!
تراهم على الشاشاتِ خطباءَ وطنٍ، فإذا غابتِ الأضواءُ انكشفوا تجّارَ مصالحٍ،
يتدثّرون بشعاراتِ الانتماءِ كما يتدثّرُ المنافقُ بثوبِ الورع، ويُخفونَ تحتَهُ عارَهم الأبدي.

يا من جعلتم المنابرَ سلّماً إلى المناصب، والإعلامَ قنطرةً إلى الجيوب،
أيّ وطنٍ تبنونَ بصلصالِ الكذبِ وماءِ الواسطة؟
أيّ انتماءٍ هذا الذي لا يقومُ على صدقٍ، بل على توقيعٍ أو توصيةٍ أو مكالمةٍ في الظلام؟

لقد دنّسَ بعضُكم الحروفَ حينَ جعلها عكّازًا لفسادٍ أعرج،
وزيّنَ الباطلَ بمكياجِ البلاغة، حتى صارَ الباطلُ يبدو جميلاً،
والفاسدُ يُشبهُ الحريصَ على الوطنِ في مظهرهِ دونَ مخبرهِ.

يتحدّثون عن النزاهةِ بأقلامٍ مأجورة،
وعن الشرفِ بألسنٍ لُطّختْ بخمرِ العلاقاتِ والمصالح.
يبكون على العدالةِ فيما أيديهم تسرقُ مفاتيحَها،
ويُنادون بالإصلاحِ وهم خنجرٌ في خاصرةِ الإصلاحِ نفسه.

هم كالطينِ اليابسِ، لا يُثمرُ ولا يُزهر،
كالمرآةِ المكسورةِ، تُريكَ وجهَ الوطنِ مشوَّهًا ومقلوبًا.
يتسلّقونَ أسوارَ المناصبِ بأظافرِ التملّقِ،
ثمّ يرمونَ المخلصينَ بالحجارةِ من نوافذِ الزيف.

فاحذروا أولئك الذينَ يبيعونَ صوتَ الوطنِ في مزادِ الإعلام،
ويجعلونَ من الكلمةِ جنازةً للصدقِ لا منارةً للحقيقة.
احذروهم، فهُم السوسُ الذي ينخرُ جذعَ الدولةِ بصمتٍ،
والدخانُ الذي يُعمي العيونَ عن لهبِ الخراب.

هؤلاءِ ليسوا أبناءَ الوطنِ، بل أضيافُه العابرونَ بين أطلالِه،
ليسوا من ترابهِ، بل من غباره،
غبارٌ يعلو حينَ تهبُّ الريحُ، ثمّ يسقطُ في أولِ مطرِ وعيٍ صادق.

فيا أحرارَ الوطنِ، امسحوا الغبارَ قبلَ أن يُعميَ الأبصار،
وأعيدوا للكلمةِ هيبتَها، وللحقيقةِ صوتَها،
ولتكنْ صرختُكم مدوّيةً في وجهِ الزيف:
كفى خيانةً باسمِ الوطن، وكفى تمثيلاً باسمِ الإعلام!





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :