قراءة في مضامين ومحاور الخطاب الملكي السامي
د. عدنان متروك شديفات
26-10-2025 03:24 PM
بسم الله، وعلى بركة الله نبدأ… بهذه الكلمات المفعمة بالإيمان والعزم افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم خطابه السامي أمام مجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب، في افتتاح أعمال الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين، بحضور أصحاب السمو الأمراء، ورئيس الوزراء، وأعضاء الحكومة، وكبار قادة الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي.
جاء الخطاب الملكي السامي محمّلاً بمعاني الثقة والاعتزاز، مجسّدًا قرب جلالته من شعبه، وإيمانه العميق بأن الأردنيين هم العزوة والسند، وأن الوطن، بقيادته وشعبه، يسير بثباتٍ نحو المستقبل رغم ما يحيط به من تحديات، وقد خاطب جلالته أبناء شعبه بصوتٍ يفيض بالعزيمة والفخر، مؤكدًا أنه لا يعرف الخوف ما دام الأردنيون خلف وطنهم وقيادتهم، وأنه لا يخشى إلا الله، لأن النظام السياسي الأردني يستمد قوته من ثالوثه المتين: الشعب، والجيش، ومؤسسات الدولة، وهو ثالوث يشتد عوده ويقوى كلما مرّ بالأزمات.
وأشار جلالته في خطابه إلى "مصنع الحسين" في القوات المسلحة الأردنية، الذي يتقدمه سمو ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني المعظم، كرمزٍ للعطاء الوطني والإنتاج الأردني المتميز، ودليلٍ على أن شباب الأردن هم عماد الحاضر وصُنّاع المستقبل، وكانت هذه الإشارة رسالة واضحة تؤكد أن الرؤية الملكية تُراهن على وعي الشباب وقدرتهم على البناء والإبداع والمشاركة في مسيرة التحديث الوطني.
وكما جرت العادة في خطب العرش السامية، كان هذا الخطاب مناسبة وطنية جامعة ينتظرها الأردنيون ليستمعوا إلى جلالة الملك وهو يحدّد الرؤية الاستراتيجية للعام القادم، ويُقيّم ما مضى من مراحل العمل الوطني، بحضور مؤسسات الدولة وأركانها كافة. وقد رسم جلالته خارطة طريق جديدة أمام الحكومة ومجلس الأمة، محددًا اتجاهات العمل الوطني، ومؤكدًا أن الأردنيين هم السند الحقيقي للدولة، وأن وحدتهم وثقتهم بقيادتهم هي مصدر القوة في وجه التحديات.
أكد جلالته أنه لا بديل عن مسار التحديث السياسي والاقتصادي، فهو نهج وطني مستمر لا يعرف التراجع، وشدّد على أن نجاح هذه العملية يعتمد على المشاركة الفاعلة من جميع السلطات ومكونات المجتمع، وعلى تكاتف الجهود والعمل بروح الفريق الواحد، حتى تتحقق أهداف الإصلاح ضمن رؤية بعيدة المدى تضمن استدامة التنمية وتعزيز الثقة بين المواطن والدولة.
وفي الجانب الاقتصادي، أوضح جلالته أن المرحلة المقبلة تتطلب من الحكومة العمل الجاد على تحسين مستوى المعيشة، ورفع الدخل، وتنفيذ المشاريع التنموية التي تمس حياة المواطنين مباشرة، وربطها بالنمو الاقتصادي الحقيقي. كما دعا إلى تطوير النظام التعليمي، والقطاع الصحي، والنقل العام، وإصلاح القطاع العام ليكون أكثر كفاءة وفاعلية في خدمة المواطن، مشيرًا إلى أن الأردن لا يملك رفاهية الوقت، وأن التراخي ليس خيارًا في ظل محيطٍ ملتهبٍ يعج بالأزمات، وأكد أن الأردن يخرج من كل أزمة أكثر قوة وإصرارًا، مستندًا إلى إرادة أبنائه وعزيمتهم الراسخة.
وربط جلالته بين تحسين مستوى المعيشة ورفع معدلات النمو الاقتصادي، مؤكدًا أن التنمية لا تنفصل عن الإيمان بالعقل الأردني والقدرات البشرية الوطنية التي أثبتت جدارتها وكفاءتها في مختلف المجالات، فالأردنيون هم الثروة الحقيقية للوطن، وبسواعدهم تبنى الدولة ويُصان الاستقرار.
لقد حمل الخطاب الملكي السامي في مضمونه رسائل واضحة للحكومة ومجلس الأمة وللشعب على حدٍّ سواء، تُجسد فكر القيادة الهاشمية الحكيم، الذي يؤمن بأن الإصلاح والبناء مسؤولية مشتركة، وأن تقدم الوطن مرهون بصدق الانتماء والإخلاص في العمل، فقد كان الخطاب صوت القائد المخلص لأمته، يوجّه ويدعو ويحفّز نحو العمل الجاد والبناء المثمر.
وفي ختام هذه القراءة، يتأكد أن جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم جسّد في خطابه روح القيادة الراسخة، التي ترى في كل أردني شريكًا في المسؤولية وصانعًا في مسيرة البناء. فهو قائدٌ يحمل الأمل في قلبه والإصرار في رؤيته، يؤمن بأن الأردن سيبقى قويًا شامخًا ما دام الأردنيون مخلصين له في القول والعمل.
يعيش جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، رمز الثقة والعزيمة والأمل، قائد المسيرة وباعث النهضة، الذي يستمد منه الأردنيون إيمانهم بأن الغد أفضل، وأن الأردن سيبقى وطنًا عزيزًا حرًّا قويًّا، ماضيًا في مسيرته المباركة نحو المستقبل بكل ثقة واعتزاز.