مهرجان الرمان يثمر نجاحاً
م. مازن أبو قمر
26-10-2025 08:30 PM
حين تقودك خطواتك بين أروقة مهرجان الرمان والمنتجات الريفية السابع عشر لمحافظة إربد، تدرك أنك أمام تجربة تنموية متكاملة تعبر عن حيوية القطاع الزراعي الأردني وعمق ارتباط المزارع الأردني بأرضه، وهنا تتلاقى الحكاية بالجهد والعمل بالأمل في مشهد وطني يجسد الشراكة الحقيقية بين المزارع الأردني وأرضه، وبين القطاعين العام والخاص والمجتمع المحلي.
لقد وصل المهرجان إلى نسخته السابعة عشر مثبتاً أنه أداة فاعلة من أدوات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فمنذ بداياته البسيطة قبل سبعة عشر عاماً، وحتى هذا العام الذي شهد مشاركة أكثر من 350 منتجاً ومنتجة من مختلف مناطق محافظة إربد، تحول المهرجان إلى منصة تسويقية وتنموية وطنية تجمع المزارع بالمستهلك مباشرة وتعيد الاعتبار للمنتج الزراعي الأردني كقيمةً اقتصاديةً وثقافيةً تسهم في دعم الأمن الغذائي الوطني.
في أروقة المهرجان تتحول ثمرة الرمان إلى منتجات غذائية وصحية متعددة تعكس أهمية التصنيع الغذائي الزراعي في رفع القيمة المضافة وتحويل المنتج الخام إلى صناعة محلية ذات جدوى اقتصادية عالية.
من الجوانب الاقتصادية فإن أثر المهرجان رغم طابعهِ المحلي يمتد بشكل مباشر ليشمل مزارعي الرمان والأسر الريفية وصغار المنتجين، فهو يفتح أمامهم فرص التسويق المباشر دون وسطاء ويتيح لهم التعريف بجودة منتجاتهم أمام جمهور واسع من الزوار وخلال أيام المهرجان تنشط حركة البيع والشراء ويزداد الإقبال على الرمان ومنتجاتهِ والمنتجات الريفية والمأكولات الشعبية والحرف اليدوية، كما ينعكس المهرجان إيجاباً على دخل الأسر الريفية من خلال زيادة المبيعات وخلق فرص عمل مؤقتة تسهم في الحد من البطالة وتفعيل سلاسل القيمة المحلية وإعادة التوازن إلى العلاقة بين المنتج والمستهلك ضمن منظومة تسويقية عادلة.
أما على الصعيد الاجتماعي، فيعد المهرجان مساحة تمكين حقيقية للمجتمعات الريفية، إذ تشارك فيه النساء الريفيات بنسبة تجاوزت 70% من مجمل المشاركين كشريكات فاعلات في التنمية، كما أن مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة أضفت بعداً إنسانياً رفيعاً، مؤكدة أن العمل والإبداع لا يعرفان حدود وأن التنمية الشاملة لا تكتمل إلا بمشاركة جميع فئات المجتمع.
لا يمكن الحديث عن هذا النجاح دون الإشارة إلى الدعم الكبير من وزارة الزراعة ومديرية زراعة محافظة إربد وشركائهم من القطاعين العام والخاص والمنظمات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني الذين عملوا بتفاني وجهد ميداني متواصل حتى ظهر المهرجان بهذا المستوى المُشرف الذي يعكس صورة الزراعة الأردنية الحديثة.
كل التقدير والإعتزاز للمزارعين والمزارعات والنساء الريفيات، فأنتم سواعدُ الوطن التي تَزرعُ الأملَ في ترابهِ وتسقيهِ بالعزيمةِ والإيمان، لقد جسدتم معنى الإنتماء الحقيقي للأرض وإن ما تم تقديمهُ من جهد صادق وإرادة لا تعرف الذبول، هو ما يصنع الفرق ويحقق التنمية، وهنا ندعوكم إلى مواصلةِ المسيرة بالعزيمةِ ذاتها والروح التي لا تنكسر.
أن هذا النوع من المهرجانات الزراعية يمثل تحركات تنموية تستحق الدعم والإستمرار في مختلف المحافظات فهي تسهم في تعزيز الأمن الغذائي الوطني وتحسين مستوى معيشة الأسر الريفية وتنشيط الاقتصاد المحلي إلى جانب دورها الثقافي في تعزيز الإنتماء للأرض والمنتج الوطني لذا فإن الدعوة إلى تكرار إقامة مهرجانات التسويق الزراعي باتت ضرورة وطنيةً لدعم المزارعين والمنتجين الريفيين وتوسيع دائرة التنمية الريفية على المستوى الوطني.
يبقى مهرجان الرمان في محافظة إربد نموذج وطني للتنمية وتجسيد واقعي لقيمة العمل والإنتاج في الأرياف ورسالة بأن القطاع الزراعي قادر على المساهمة في التنمية المحلية ومصدراً لتعزيز الهوية الثقافية والوطنية وإبراز الموروث الاجتماعي لمحافظة إربد.