تحليل خطاب الملك في مجلس الأمة وإدارة الأزمات
لانا ارناؤوط
30-10-2025 01:10 AM
يعكس خطاب جلالة الملك عبد الله الثاني في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة العشرين حكمة القيادة الأردنية في مواجهة الأزمات ويقدّم نموذجًا عمليًا لكيفية إدارة الأزمات على المستوى الوطني والإقليمي.
أول ما يلفت الانتباه في الخطاب هو التأكيد على الإرث التاريخي للأردن والمواجهة المستمرة للأزمات منذ تأسيس الدولة. بهذه الطريقة، يستخدم الملك عنصر الوعي السياقي، وهو أحد أساسيات إدارة الأزمات، حيث يربط الأحداث الحالية بالتاريخ ويستعرض قدرة الأردن على الصمود والتجاوز عبر الأجيال هذه الرسالة تعزز الثقة الداخلية والارتباط الوطني، ما يُعد أمرًا حاسمًا لتمكين المواطنين من مواجهة الضغوط والمحن بثبات.
كما استخدم الخطاب أسلوب الطمأنة والاعتراف بالواقع حين قال: "نعم، يقلق الملك، لكن لا يخاف إلا ﷲ"، يبرز الملك مشاعره الإنسانية الطبيعية، مع التأكيد على عدم الضعف أمام التحديات ، هذا يعكس أحد أهم أسس إدارة الأزمات، وهو المصداقية والشفافية في التواصل مع الجمهور، ما يعزز الثقة ويقلل من القلق الجماعي ويحفز على التعاون.
الخطاب ركز على الاستجابة للأزمات الاقتصادية والاجتماعية من خلال استعراض الإنجازات والخطط المستقبلية، مثل تطوير التعليم والصحة والنقل والاقتصاد ، هذا يمثل تطبيقًا مباشرًا لمبدأ التخطيط الاستراتيجي في إدارة الأزمات، حيث يتم تحديد الأولويات، وتخصيص الموارد، والعمل بشكل منسق لتقليل تأثير الأزمات على المواطنين وضمان استمرارية التنمية.
في البعد الإقليمي، تناول الملك الأزمة الإنسانية في غزة والانتهاكات في الضفة الغربية، مع التأكيد على موقف الأردن التاريخي تجاه القدس، هنا يظهر البعد الإقليمي للأزمات وتأثيرها على الداخل الوطني، ووضوح الرسالة الأردنية في دعم حقوق الشعوب الشقيقة مع الحفاظ على الاستقرار الوطني، هذا يعكس قدرة القيادة على إدارة الأزمات متعددة الأبعاد، محليًا وإقليميًا، مع مراعاة الالتزامات التاريخية والدبلوماسية.
أخيرًا، يتضح في الخطاب مبدأ إشراك المجتمع ومؤسساته في مواجهة الأزمات، عبر التأكيد على دور مجلس الأمة في متابعة الإصلاحات وتنفيذ الرؤى الاقتصادية والاجتماعية ، هذا يعكس قاعدة أساسية في إدارة الأزمات: التعاون بين القيادة والمواطنين والمؤسسات لتحقيق حلول فعّالة ومستدامة.
من هذا المنظور، يمكن القول إن خطاب الملك عبد الله الثاني ليس مجرد كلمة سياسية، بل أداة لإدارة الأزمات، تجمع بين الحكمة، والشفافية، والتخطيط الاستراتيجي، والتحفيز الوطني، والالتزام الإقليمي، لتقوية صمود الأردن أمام التحديات الراهنة والمستقبلية.