facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




في الإنجاز والمسؤولية: التقدير والتكريم ليس حصانة


فيصل تايه
11-11-2025 11:07 AM

قضية إحالة مديرة مدرسة للتقاعد المبكر ، والتي أثارها أحد الصحفيين المقدرين مؤخراً ، تمثل نموذجاً حياً للتوازن الدقيق بين التقدير الفردي والمسؤولية المؤسسية ، فهذه المديرة الفاضلة قدمت إنجازات واضحة ومثبتة في تطوير العملية التعليمية، وحصلت على جائزة الملكة رانيا للتميز التربوي كقائدة ميدانية، وهو ما يوضح جدارتها المهنية والتزامها بالعمل، مع التأكيد على أن أي تقدير فردي لا يعفي من الالتزام بالقوانين والمسؤوليات المؤسسية ، كما ومن المهم التنويه أن القرار الإداري الصادر بحقها لم يأت للتقليل من إنجازاتها وكما فهمنا من مصادر رسمية انه جاء ضمن إطار مؤسسي وقانوني يوازن بين الاعتراف بالتميز الفردي وضمان استمرارية الأداء المؤسسي والمصلحة العامة، مؤكداً أن أي مسؤول، مهما بلغ تقديره، يظل خاضعاً للقوانين والأنظمة.

هذه القضية تعكس أيضاً أهمية الجوائز والتقديرات كوسيلة للاعتراف بالجهود المبذولة، لكنها ليست غطاءً للإفلات من المسؤولية ، بل وتعكس الالتزام بالقيم المهنية ، فهذه الجوائز هي فرصة لتأكيد المسؤولية المستمرة، وتعزيز الأداء المؤسسي، وإظهار القدوة العملية ، ومع ذلك، قد تظهر فجوات بين التكريم والاستمرار في العطاء، وهو أمر طبيعي لكنه يحمل مخاطر على الأداء المؤسسي والثقة العامة، لذلك تحتاج المؤسسة إلى وعي جماعي ومسائلة هادفة لضمان ألا تتحول الجوائز إلى شعور بالاستعلاء أو تجاوز الواجبات، خصوصاً في الوزارات السيادية مثل وزارة التربية والتعليم، التي تمثل أحد أعمدة الدولة الأساسية في بناء المستقبل الوطني.

لذلك ، فمن الطبيعي أن يثير القرار التساؤل : ما الأسباب التي دفعت الوزارة لاتخاذه؟ وهل تم اتباع نهج مؤسسي دقيق ، وجمعت المعطيات كاملة حتى وصلت الوزارة إلى قناعة تامة بأن التقاعد المبكر هو القرار المناسب في هذه الحالة؟ حيث هذه المفارقة تستحق التأمل، فهي تؤكد حرص الوزارة على الموازنة بين التقدير الفردي والمصلحة العامة، وتعكس التزامها بالأسس القانونية والمؤسسية دون المساس بجدارة وإنجازات الفرد .

ومن المهم أيضاً الإشارة إلى أن المديرة الفاضلة، إذا شعرت أن القرار مجحف أو غير عادل بحقها، فإن دولتنا رحيمة وعادلة، وتتيح لها اللجوء إلى الجهات المختصة ذات العلاقة، لتقديم المعطيات والمبررات اللازمة، بما يمنحها القوة القانونية في الدفاع عن حقها والحصول على العدالة.

لكن هنا ، لا بد من التأكيد ان قرار وزارة سيادية بحجم وزارة التربية في مثل هذه القضية "تحديداً" لا يمكن ان يكون قراراً ارتجالياً فردياً او عبثياً ، وليس ذلك دفاعاً ، بل لان هذه الوزارة لها "ادارة قانونية" حيث ان صانع القرار ومن خلال هذه الإدارة يظهر قدرته الموازنة بين الاعتراف بالإنجازات وفرض الالتزام بالقوانين والتعليمات، لضمان استقرار النظام الإداري وحماية سمعة المؤسسة والمصلحة العامة ، بمعنى ان أي مؤسسة سيادية لا تتخذ قراراتها إلا وفق أسس دقيقة تحافظ على العدالة والشفافية وتوازن الحقوق والواجبات ، ليعكس القرار الحكمة والمسؤولية المؤسسية، ويثبت أن الأداء الفردي والتقدير لا يتعارضان مع القانون، بل يكملان بعضهما البعض.

اعود الى القول ، ان الحقيقة الثابتة هي أن التقدير لا يمنح حصانة، ولا يرفع عن المسؤولية، ولا يعفي من الالتزام بالقوانين أو الأداء المهني ، فالمؤسسات القوية تبنى على الالتزام المستمر والانضباط والقدوة العملية، وتفرض على كل من نال الجوائز أن يكون أكثر التزاماً ومسؤولية ، فأي تراجع في الأداء بعد الحصول على الجوائز قد يؤدي إلى اختلال التوازن المؤسسي، وتراجع جودة الخدمات، وفقدان ثقة المواطنين بالمؤسسة ، لذلك من الضروري أن تتم مساءلة كل مسؤول وفق القوانين والأنظمة، بما يحافظ على العدالة والأداء المؤسسي والمصلحة العامة ، والتقدير يضيف مسؤولية، وليس استثناءً.

يجب أن نعي أن الجوائز والمكانة ليست غطاءً للتجاوز أو استغلال النفوذ ، بل هي فرصة لتعزيز الالتزام والمسؤولية، وإظهار القدوة، والاستمرار في تقديم أفضل ما يمكن لمتلقي الخدمة والمؤسسات ، فالتوازن بين التكريم والمسؤولية والقانون هو ما يحمي المؤسسات ويعزز ثقة المواطنين، ويضمن استمرار الأداء المتميز بعيداً عن الانطباعات الشخصية ، فكل طرف يتحمل مسؤولياته : المكرم يواصل العطاء والالتزام، الصحفي ينقل الحقيقة بدقة وموضوعية مع احترام جميع الأطراف، والمؤسسة الرسمية تطبق القوانين والتعليمات بحزم وعدالة مع الحفاظ على الاعتراف بالإنجازات الفردية. العدالة لا تنتظر التقدير، والضمير لا يغفل المسؤولية.

ان متابعة مستجدات هذه القضية والتحقق من الحقائق المتعلقة بالقرار الإداري، يمكن للرأي العام متابعة المصادر الرسمية والوسائل الموثوقة ، وإن الوعي الجماهيري والمسؤولية الإعلامية لا يقتصران على النقد أو التعاطف السطحي، بل يقومان على الاطلاع الكامل وفهم جميع الأطراف والسياق القانوني والإداري، بما يضمن العدالة ويعزز الثقة بالمؤسسات العامة.

وختاماً فالتقدير والجوائز تظل وساماً ، لكنها تفرض التزاماً أكبر ومسؤولية أوسع، وتذكر بأن القانون والواجب المؤسسي فوق كل اعتبار شخصي أو انطباع فردي، وأن الضمير العام والقانون والانضباط المؤسسي هي الضمانة الحقيقية لاستمرار الإنجاز وحماية سمعة الدولة والمواطنين والمؤسسات ، وان أي قرار إداري متوازن ومستنير يخدم الصالح العام ويحقق العدالة، ويترك أثراً إيجابياً ملموساً أمام الرأي العام وكبار المسؤولين على أعلى المستويات.

فالمسؤولية لا تتجزأ، والإنصاف يجب أن يسود.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :