facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




‏واقع مؤلم .. وأمل ضائع


بهاء الدين المعايطة
13-11-2025 09:54 AM

ضاعت الأحلام وضاع الأمل بين فتات العمر، وتاهت بين ليالي نوفمبر الجافة لتعلن نهاية المطاف لأملٍ أصبح مفقودًا، وكم دفعنا ثمنًا غاليًا لأيامنا الراحلة، وكم ذقنا من الوجع لأحلامٍ تحوّلت سرابًا في السماء، فما الذي تبقّى لنا اليوم لنفعله بعد أن رأينا الواقع يزداد وجعًا نفسيًا قبل أن يكون جسديًا، أصبحت أحلامنا كغيمات الشتاء المفقودة التي ينتظرها المزارع لينبت زرعه، وكشجرةٍ تنتظر المطر لتزدهر من جديد، وهكذا نحن، بعد أن ذاقت أجسادنا الذبول، نبحث عن الأمل ليروي أرواحنا بعد التعب الذي رافقنا لعشرات السنين، ننظر إلى حياتنا المجهولة بعد عشرين عامًا، نتساءل ماذا ستكون، وماذا ستحمل لنا بعد هذا الكمّ الهائل من التعب الذي أرهق كاهلنا.

‏اليوم أكتب بروح الإحباط وبروح التعب وبروح الأمل الذي لا نزال ننتظره، وبواقع الألم الذي أصبحنا نعيشه، كم يُحزنني أن نرى أنه لا حدّ لأحد وأن الواقع يزداد صعوبة، وكم يؤلمني رغم قسوة الواقع أن ممثلي الشعب يتطاوشون من أجل مصالحهم لا من أجل لقمة عيش المواطن، لا يعلمون كم من عائلة باتت لا تعرف عن العشاء إلا بالاسم، وكم سمعنا تلك الكلمات الرنانة " بأن القادم أجمل" إلا أن القادم لا يوحي بأن يكون أجمل، وكم سمعنا عن خروجنا من عنق الزجاجة إلا أن عنق الزجاجة أصبح مسكننا الوحيد، والخطابات الرنانة لم تعد تُسمن ولا تُغني من جوع، كلمات تُقال أمام شاشات التلفاز لتُحفظ بعدها على رف الذكريات، ولم تعد تلك الخطابات، ولن تكون يومًا، قادرةً على أن تبعث في الشباب أملًا بأن القادم هو العام الموعود، فآمالهم ما زالت مسلوبة، وأحلامهم ما زالت مفقودة.

‏اليوم، أصبح الشباب في وطننا الحبيب ينقسمون إلى فئتين، مستثنىً من ذلك فئة أبناء كبار المسؤولين، إذ لا تنطبق عليهم قوانين الخدمة المدنية، وتشمل القوانين الفئتين فقط الفئة التي لا تزال تبحث عن فرصة عمل رغم الشهادات الجامعية، والفئة الأخرى التي أعمل ضمنها، بموجب عقود سنوية ونتقاضى الحد الأدنى للأجور، وأحيانًا أقل، رغم أن طبيعة العمل لا تختلف عن طبيعة عمل زملائنا الرسميين العاملين في نفس المؤسسة، ومع ذلك، وُضعت القوانين لتُفرّق بين هذه الفئات، بدلًا من أن تُحقّق أدنى مستويات العدالة بين أبناء الوطن.

‏وبعد أن رأينا في الأيام الماضية موجة من الغضب الشعبي بسبب التعيينات في إحدى المؤسسات، والتي صرح خلالها مديرها بأنهم عيّنوا خريجة لم يمضِ على تخرجها عام واحد لتشجيع الشباب على العمل، نتساءل هل حقًا لدينا وظائف يتكابر عليها أبناء الوطن، أين تلك الوظائف، مع أن الإعلانات الرسمية للتوظيف تُنشر يوميًا ونجد أن الشواغر محدودة جدًا مقابل آلاف المتقدمين، وفي تصريح آخر لرئيس هيئة الخدمة المدنية، أعلن للأردنيين أن لا فرصة للجيل القادم للتعيين في القطاع العام، وأن من يولد اليوم عليه أن ينتظر 73 عامًا للحصول على وظيفة حكومية، فهل هذا تناقضٌ في التصريحات، أم استفزازٌ حقيقيٌّ للشباب، لإيصال رسالةٍ مفادها ألّا يطمحوا لأي وظيفةٍ مستقبلية، وأنها محصورةٌ في فئةٍ دون أخرى، واليوم، يجب على مؤسسات الدولة أن تتوقف عن التصريحات المستفزة، وأن تترك المجال لأصحاب الاختصاص لوضع النقاط على الحروف، بدلًا من تأجيج الموقف بمزيد من التوتر.

‏وفي كل لقاء لجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله ورعاه، نتذكر حرصه الدائم على حث الجميع على التواصل مع أبناء الوطن، وتعزيز روح الانتماء والتقارب بينهم، كما يقوم جلالته بذلك من خلال تواصله المستمر مع شعبه، وآخرها زيارته لمحافظة الكرك، حيث أبدى اهتمامه الكبير بتحسين أوضاع المحافظة التي عانت الكثير رغم الإمكانيات والشركات العاملة على أرضها، لكنها لم تشهد أي تقدم، بل عادت سنوات إلى الوراء بسبب القرارات الجائرة لبعض المسؤولين التي شكلت عائقًا أمامها وأمام أبنائها، الذين تجاوزت أعمارهم الثلاثين وحتى الأربعين عامًا، وما زالوا لا يعلمون ماذا سيكون مستقبلهم.

‏لكن ماذا تبقى بعد الثلاثين هل ستبقى الأحلام تتجدد معنا كل عام، أم أن لها عمرًا محددًا وتذهب مع التقدم بالعمر، وعن أي أمل نتحدث بعد هذا العمر، وعن أي مستقبل نكتب، بعد أن ذبلت زهرة شبابنا على وعود زائفة، وماذا نكتب بعد أن أصبح أقصى طموحات الشباب الهجرة لا البقاء، وصل الأمر إلى أن يبحث البعض عن أي وسيلة غير شرعية للهجرة مقابل توفير حياة إنسانية كريمة لعائلته ولنفسه، لماذا، رغم وقوف جلالة الملك، حفظه الله، بجانب أبنائه، نجد بعض المسؤولين حائطًا صلبًا أمام من يبحثون عن لقمة العيش، إلى متى سيبقى حالنا يرثى إليه، وإلى متى سنظل ننتظر أن تمطر تلك الغيوم أحلامنا وتتغير ليالينا الصعبة، التي صنعت منا جثثًا هامدة تسير بقلوب تنبض فقط لتذكّرنا أننا ما زلنا نتألم

‏وفي كل خطاب لجلالة الملك، عندما يخاطبنا ويبدأ بكلمة أبناء شعبي، كم تحمل هذه الكلمة من معانٍ سامية يجب أن نضعها وسامًا على جبيننا لصدق منطوقها وعمق مدلولها، وحينها نبدأ بالمقارنة بين من يرانا حقًا أبناءً له، وبين من لا يعلم من نحن، وفي كل مرة أسمعها، تعود بي الذاكرة إلى يوم كنت أبحث فيه لوالدي، شافاه الله، للحصول على إعفاء طبي في مركز الحسين للسرطان، فتواصلت مع أحد المسؤولين الكبار، وكان رده هل والدك يحمل الرقم الوطني، عندها أدركت أن بعض المسؤولين لا يعلمون عنا شيئًا، سوى أننا مجرد أعداد زائدة على أرض الوطن الذي وُلِدنا عليه، وأننا لا نملك شيئًا يؤهلنا لأن نكون أردنيين بحق، أو ربما يملكون هم ولاءً للوطن أكثر منا.

‏ورغم أن الواقع مؤلم، إلا أننا لا نملك إلا أن ننتظر ربيعًا يغيّر ملامح أيامنا المتعبة، وأن يأتي المطر الذي سيروي أرضنا القاحلة التي اعتادت الجفاف، ويعيد إليها الحياة من جديد، لعلّ في عودته عودة لنبضٍ غاب طويلاً عن قلوبنا، ولعلّ بين قطراته أملًا يوقظ فينا ما تبقى من حلم، فننهض من رماد الخيبة، ونؤمن أن بعد كل عتمةٍ فجرًا قادمًا، وبعد كل تعبٍ راحة، وبعد كل صبرٍ فرجًا قريبًا بإذن الله.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :