facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




جيل ما بعد ترامب .. زهران ممداني يصنع ملامح القوة الأمريكية القادمة


م. بسام ابو النصر
13-11-2025 01:23 PM

في لحظةٍ سياسيةٍ مشحونة بالتوترات العرقية والدينية في الولايات المتحدة، يطل اسم زهران ممداني كأحد أبرز الوجوه التي تعيد تعريف ملامح المشهد الأمريكي، لا بوصفه سياسيًا مسلمًا فحسب، بل كرمزٍ لتحولٍ اجتماعي وثقافي عميق يجري تحت السطح في أكبر ديمقراطية في العالم.

زهران ممداني، المسلم الثلاثيني المنحدر من أصول هندية، يشكل حالة استثنائية في المشهد السياسي الأمريكي؛ إذ يتقدم في زمنٍ تتراجع فيه قيم الانفتاح التي قامت عليها أمريكا، ويصعد فيه خطاب الإقصاء والعنصرية، الذي وجد تعبيره الأوضح في عهد الرئيس دونالد ترامب، الرجل الذي بنى مجده السياسي على التخويف من “الآخر” وعلى محاولة إعادة تشكيل المجتمع الأمريكي وفق هوية أحادية تقوم على تفوق “الجنس الأبيض”.

ترامب الذي جاء ليوقف زحف المهاجرين، ويقيد التجنيس، ويضيق على التنوع، لم يكن يتصور أن من بين أبناء هذا التنوع سيخرج منافسٌ يهدد إرثه السياسي والفكري، من ذات المدينة التي صنعت ثراءه وصورته الإعلامية؛ نيويورك، عاصمة المال والاقتصاد والسياسة في العالم.

في خضم الحرب على غزة، وما خلفته من انقسام داخل المجتمع الأمريكي بين تيار إنساني رافض للحرب وتيار متشدد داعم بلا شروط لإسرائيل، يطل ممداني وزوجته السورية ليشكلا "تسونامي سياسيًا" جديدًا، يهز أركان المؤسسة التقليدية في واشنطن.
فهما يعيدان تعريف مفهوم الهوية الأمريكية بوصفها هوية تعددية حية، قادرة على احتضان الاختلاف لا محوه، وعلى تحويل التنوع إلى مصدر قوة لا تهديد.

لقد استطاع ممداني أن يعتلي صفوف الحزب الديمقراطي، الحزب الذي يعاديه ترامب بشدة، وأن يصعد بثقة ليترشح لمنصب عمدة نيويورك، ويفوز به، في لحظةٍ يمكن وصفها بالتاريخية، لا لأنها تحدٍ مباشر لترامب فحسب، بل لأنها تعيد الاعتبار للمعنى الأخلاقي في السياسة الأمريكية.

حتى يهود نيويورك، الذين يمثلون أحد المكونات المؤثرة في الحياة السياسية، وقف بعضهم إلى جانب ممداني، إدراكًا منهم أن سياسات نتنياهو تدفع إسرائيل نحو عزلةٍ دولية متزايدة، وتغذي خطاب الكراهية، تمامًا كما فعلت الأنظمة القومية المتطرفة قبيل الحرب العالمية الثانية.

إنّ صعود ممداني لا يمثل حدثًا انتخابيًا فحسب، بل تحولًا حضاريًا في الوعي الأمريكي. فهو يشير إلى أن الجيل الجديد من الأمريكيين بات أكثر انفتاحًا على التعدد الديني والثقافي، وأكثر وعيًا بخطر الانغلاق القومي والعنصري. وربما، إن استمر هذا المسار، نكون أمام أول مسلمٍ يقترب من رئاسة الولايات المتحدة – إن جرى تعديل الدستور مستقبلًا – في لحظةٍ تعكس تطورًا مذهلًا في التجربة الديمقراطية الأمريكية.

ولعل الرسالة الأهم لنا نحن العرب والمسلمين هي أن ندرك أن التحول في أمريكا ليس خطرًا بل فرصة.

فرصة لمد الجسور مع مجتمعٍ بدأ يراجع ذاته، وللتفاعل الإيجابي مع قوى جديدة تؤمن بالعدالة والإنسانية لا بالمصالح الضيقة.

إن دعم مثل هذه النماذج الواعية داخل أمريكا هو استثمار في مستقبلٍ أكثر توازنًا وعدلًا في العلاقات الدولية، وفي عودة الولايات المتحدة إلى دورها كقائدٍ قيمي وأخلاقي للنظام العالمي، لا مجرد قوةٍ مهيمنة.

في النهاية، يبدو أن “تسونامي ممداني” ليس عابرًا.

إنه مؤشر على زمنٍ جديد في السياسة الأمريكية — زمنٍ تتراجع فيه الكراهية أمام التنوّع، وينكسر فيه احتكار السلطة أمام جيلٍ يؤمن أن الانتماء الحقيقي ليس للون أو دين، بل للقيم التي تصنع إنسانًا حرًّا ومجتمعًا متسامحًا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :