لهذا السبب يَحدث شغب الجامعات!
د.محمد البدور
13-11-2025 03:28 PM
في إحدى المدارس الخاصة في عمّان، اعتدى طالب في الصف الرابع على معلمته بالضرب والركل بعد أن حاولت فضّ شجار بينه وبين أحد زملائه. فما كان من الطالب المعتدي إلا أن قال لها: "اعرفي مع مين بتحكي!" فردّت المعلمة مستغربة: "مع مين؟" فرفع الطالب إصبعه إلى فمه، وقال لها باستهزاء: "شش… لا أحد يسمعك"، ثم أضاف متهكمًا: "ما بتعرفي؟"
وعندما اشتكت المعلمة لإدارة المدرسة على هذا السلوك غير المقبول، طلبت المرشدة المدرسية من الطالب الاعتذار، إلا أنه ردّ عليها بنبرة سخرية قائلاً: "آسف... بس ممكن تتكرر!" في إشارة إلى إمكانية تكرار ضربه للمعلمة. وبعد ذلك تواصلت المدرسة مع والدة الطالب، فحضرت واعتذرت عن تصرفات ابنها.
العبرة من هذه الحادثة أنّ الطفل الذي يُربّى في بيته وينشأ في أسرته على عقلية الفوقية والعنترية باسم العائلة — وهو ما يزال في سن الطفولة — كيف سيكون غدًا حين يصبح شابًا أو طالبًا جامعيًا؟ طالما أنّ عقلية "الأصل والفصل والقبيلة" هي التي ترسم ملامح شخصيته وتشكل قيمه منذ الصغر.
نعم، للأسرة والبيت الدور الأكبر في توجيه عقلية الابن وطريقة تفكيره. فكثير من سلوكيات أبنائنا — السلبية منها أو الإيجابية — هي انعكاس مباشر لما نغرسه نحن الآباء في نفوسهم. وما نزرعه اليوم في شخصياتهم سيظهر غدًا في سلوكهم وحياتهم، وقد يكون سببًا في نجاحهم أو فشلهم.
إنّ ما نُنتجه للمجتمع هو مرآة لبيوتنا وتربيتنا، وله أثرٌ مباشر على مستقبلهم ومستقبلنا معهم. فكم من ابنٍ عاق أتعب أسرته، وكم من ابنٍ بار أسعد أهله وأمته ووطنه. نحن نعيش في زمن أصبح فيه العلم والتربية الدينية والأخلاقية سلاح تفوّقنا، ومقياس صلاحنا، ومصدر إنتاج أبناءٍ صالحين للإنسانية والحياة.