لأكثر من سبب كانت جولة العمل الآسيوية التي قام بها جلالة الملك وشملت كل من اليابان وفيتنام وسنغافورة وإندونيسيا وباكستان ناجحة بكل المقاييس، يمكن أن نورد أولها بالتأكيد على حجم الحضور الدولي والمكانة الرفيعة التي يحظى بها الملك عبدالله الثاني لدى زعماء المجتمع الدولي برمّته ومن بينها الدول الآسيوية بطبيعة الحال، ذلك أن جلالة الملك زعيم عربيٌ استطاع أن يجسّد حقيقة أمام قادة وزعماء العالم ورجال الفكر والسياسة والاقتصاد، بأنه خير من يترجمُ صوت الحكمة والاعتدال ويسعى إلى تعزيز منظومة التفاعل بين الثقافات العالمية، وتعزيز قيم التسامح ووسطية الإسلام وفهم ثقافة الآخر وكان جلالته أكثر من دعا إلى تحقيق العيش والتسامح بين الشعوب من أتباع كافة الأديان وعلى أسس إنسانية مشتركة.

الزعماء الذين التقاهم جلالته (الباكستاني آصف علي زرداري، ورئيس الوزراء محمد شهباز شريف، والرئيس الإندونيسي برابوو سوبيانتو، والرئيس السنغافوري ثارمان شانموغاراتنام، ورئيس الوزراء ووزير المالية السنغافوري لورانس وونغ، ورئيس الوزراء الفيتنامي فام مينه تشينه، والأمين العام للحزب الشيوعي الفيتنامي تو لام، ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي وجلالة إمبراطور اليابان ناروهيتو) رحّبوا بجلالته مقدّرين حرصه على التواصل مع صُنّاع القرار في العالم لرأب الصدع في المنطقة العربية جرّائ تفاقم الصراع الفلسطيني والعربي الإسرائيلي لا سيما عقب الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة منذ قبل عامين، مؤكدين اعتزازهم بالدور الذي قام به جلالته وهو يجوب العالم كلّه من أجل إرغام إسرائيل على إيقاف حربها الشعواء، وضمان إرسال الإمدادات والمساعدات الإنسانية والعلاجات الدوائية إلى الأهالي المنكوبين هناك، ومن هنا كان تشديد جلالته على ضرورة التزام جميع الأطراف باتفاق إنهاء الحرب في غزة، ووقف الإجراءات أحادية الجانب ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية والاعتداءات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، بالإضافة إلى إعادة جلالته التأكيد على ضرورة نيل الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة، وقيام دولته المستقلة على أساس حل الدولتين.

إلى ذلك كانت الزيارة فرصة استثمرها جلالة الملك في سبيل التأكيد على إعطاء دفعة قوية للعلاقات التي تربط المملكة بهذه الدول من ناحية فتح آفاق جديدة للشراكة معها خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والدفاعية، وكذلك تطوير العمل المشترك في قطاعات عديدة كالسياحة والصناعات الدوائية والمعدات الطبية، والزراعة، فضلا عن بناء الجسور لتعزيز أواصر الصداقة بين الشعب الأردني وشعوب تلك الدول.

يبذل جلالة الملك عبدالله الثاني جهودًا سياسية ودبلوماسية مكثفة على مدار الساعة، ويعمل بهمة لا تلين ويتحرك عبر أكثر من اتجاه، ويتقدم حرصه على مد جسور التعاون الثنائي بين الأردن وكافة دول العالم ويشرح بالتفصيل عن الفرص والمزايا التي يتمتع بها الأردن كبيئة جاذبة للاستثمار وكل ذلك يندرج ضمن جهود جلالته في تحقيق المزيد من النمو الاقتصادي الوطني، ثم إلى جانب ذلك يحمل الملك الهاشمي على عاتقه هموم الأمتين العربية والإسلامية ولا ينفك يحاور ويناقش ويقنع العالم بأهمية التوصل الى حل جذري للقضايا العالقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية جملة وتفصيلا.