facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




من يحمي الاستثمار الأردني من “الابتزاز”؟


آيات محمد الشاذلي
17-11-2025 08:30 PM

شهدت الساحة الإعلامية والاقتصادية الأردنية خلال اليومين الماضيين ضجة واسعة، لم تكن حول إعلان عن مشروع استثماري ضخم أو إنجاز اقتصادي جديد، بل كانت حول “صرخة” منسوبة لأحد كبار المستثمرين الوطنيين، تتحدث بمرارة عن “ابتزاز” و “عرقلة ممنهجة” لمشاريع، وبغض النظر عن صحة التسريب أو تفاصيله، فإن مجرد تداول هذه الرواية بهذه الحدة يضعنا جميعاً، حكومة وقطاعاً خاصاً ومجتمعاً، أمام مرآة الواقع الاستثماري الذي نسعى لتحديثه، لذلك فإن هذه الحادثة، التي تحولت إلى مادة دسمة للجدل الإعلامي، ليست مجرد “خبر عابر” يمكن احتواؤه ببيان نفي أو تأكيد، بل هي “جرس إنذار” يهز أركان الثقة في بيئة الأعمال، ويهدد بتقويض كل الجهود المبذولة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت جذب الاستثمار في صلب أولوياتها.

عندما نتحدث عن عرقلة مشروع استثماري، فإننا لا نتحدث عن تأخير في معاملة ورقية فحسب، بل نتحدث عن “تكلفة اقتصادية مباشرة” يدفع ثمنها الوطن والمواطن، فكل مشروع يتم تأخيره أو إجهاضه يعني تأخير أو إلغاء مئات من فرص العمل التي يحتاجها شبابنا بشدة، لتتحول البيروقراطية هنا إلى “عدو للتوظيف” بامتياز.

والأخطر من ذلك هو أن المستثمر، بطبعه، يبحث عن البيئة الأقل مقاومة والأكثر شفافية، وعندما يواجه المستثمر الوطني، الذي يفترض أن يكون الأكثر ولاءً للوطن، مثل هذه العقبات، فمن الطبيعي أن يبدأ بالتفكير في نقل رؤوس أمواله إلى أسواق إقليمية أكثر ترحيباً.

ثم أن الثقة هي العملة الأهم في الاقتصاد، فكيف يمكننا إقناع مستثمر أجنبي بالقدوم إلى الأردن، ونحن نعجز عن حماية مستثمرينا المحليين من “ابتزاز” أو “تعقيد” إداري؟.

لقد أنفقت الحكومة جهداً كبيراً في إقرار قانون البيئة الاستثمارية الجديد، الذي جاء لتبسيط الإجراءات وتوفير حماية قانونية، لكن هذا القانون، وكل القوانين التي تليه، ستبقى حبراً على ورق ما لم يتم القضاء على “ثقافة العرقلة” و “جيوب المقاومة” داخل الأجهزة التنفيذية.

إن التحدي الحقيقي الذي يواجه الأردن اليوم ليس في نقص التشريعات، بل في “الفجوة التنفيذية” بين طموح القيادة ورؤية التحديث، وبين واقع الأداء الإداري على الأرض، فالموظف الذي يضع العراقيل، سواء كان دافعه شخصياً بدافع الابتزاز أو ناتجاً عن خوف من اتخاذ القرار بدافع البيروقراطية، هو في الحالتين يمارس شكلاً من أشكال “الفساد الاقتصادي” الذي يضر بالناتج المحلي الإجمالي.

إن معالجة هذه القضية تتطلب أكثر من مجرد تحقيقات فردية، بل يجب أن تكون هناك مراجعة شاملة لآليات اتخاذ القرار في المؤسسات المعنية بالاستثمار، وتفعيل حقيقي لمبدأ “المساءلة” و“المكافأة”، لهذا يجب أن يشعر الموظف الكفؤ الذي يسهل الإجراءات بالتقدير، وأن يشعر الموظف المعرقل بالخطر الحقيقي على وظيفته ومستقبله.

يجب أن ندرك أن الاستثمار ليس مجرد أرقام في ميزانية، بل هو شراكة وطنية ومسؤولية مشتر وعندما يشتكي مستثمر، فإن شكواه يجب أن تُسمع كشكوى وطنية تمس مستقبل الأجيال، ولقد حان الوقت لننتقل من مرحلة “سن القوانين” إلى مرحلة “تغيير الثقافة”.

يجب أن نزرع في كل موظف إداري قناعة بأن تسهيل مهمة المستثمر هو “عمل وطني” بامتياز، وأن عرقلته هي “خيانة” لجهود التحديث الاقتصادي.

إن صرخة المستثمر الأخيرة يجب أن تكون نقطة تحول، لا مجرد عاصفة إعلامية عابرة، فمستقبل الأردن الاقتصادي لا يحتمل المزيد من المماطلة أو الابتزاز، ويهدد بتقويض كل الجهود المبذولة ضمن رؤية التحديث الاقتصادي التي وضعت جذب الاستثمار في صلب أولوياتها.


*آيات محمد الشاذلي/ محللة في الإقتصاد والاستراتيجيات الدولية.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :