ما هي الرسالة التي بعثها جعفر حسان في لقائه زياد المناصير؟
محمد علي الزعبي
19-11-2025 11:43 AM
لم يكن لقاء دولة الدكتور جعفر حسان برئيس مجموعة المناصير، رجل الأعمال الأردني المعروف زياد المناصير، لقاءً بروتوكوليًا عابرًا، ولا اجتماعًا اقتصاديًا اعتياديًا. كان اللقاء رسالة سياسية – اقتصادية مركّبة، حملت ما يتجاوز إطار التشاور إلى ما يعيد تثبيت قواعد جديدة في العلاقة بين الحكومة والقطاع الخاص، ويؤسس لمرحلة عنوانها الوضوح والانضباط والشراكة الوطنية النزيهة.
جعفر حسان، بطريقته الهادئة ومنهجه الصارم، أراد أن يقول إن الدولة تمضي في بناء علاقة مسؤولة مع رؤوس الأموال الوطنية، علاقة لا تقوم على المجاملات، ولا على الاستثناءات، ولا على "الطرق الخلفية". فالرجل معروف بموقفه الثابت من أي علاقة مشبوهة أو مظنّة فساد، مهما علا منصب صاحبها أو اتسع نفوذه، هو من مدرسة سياسية لا تقبل الالتفاف، ولا تسمح لأحد – أيًا كان – أن يجعل من موقعه بوابة لمصالح شخصية أو نفوذ غير مشروع، وهذه رسالة لم تمر مرورًا عابرًا… بل كانت جزءًا مركزيًا من اللقاء.
أما اختيار المناصير – وهو رمز للنجاح الاستثماري الوطني – فلم يكن من باب الوجاهة، بل تأكيدًا لقاعدة جديدة،، الدولة تتعامل مع المستثمر الذي يعمل في النور، لا مع من يحاول صناعة نفوذ في الظل، فاللقاء جاء ليؤكد أن المال الوطني النظيف، والمشاريع التي تنهض بجهد الرجال لا بقربهم من المسؤولين، هو ما تريده الحكومة شريكًا في مرحلة البناء.
وفي العمق، بثّ جعفر حسان رسالة مفادها أن الحكومة لا تريد "علاقة أبوية" مع القطاع الخاص، ولا "تبعية ناعمة"، بل شراكة تقوم على الاحترام المتبادل والمساءلة المتبادلة. شراكة تقول فيها الدولة: لا حصانة لفاسد، ولا مساحة لعلاقات ملتبسة، ولا مكان لمَن يظن أن قربه من أي مسؤول هو بطاقة عبور فوق القانون.
ومن زاوية أخرى، كان اللقاء استعادة لثقة ضرورية؛ فحين يجلس رئيس الوزراء مع أحد أبرز رجال الأعمال الأردنيين بصورة واضحة وشفافة، فإن الدولة تعلن أنها تعيد رسم المشهد الاقتصادي على قواعد مؤسسية، لا على علاقات فردية، وهذا كفيل بأن يبعث الاطمئنان لدى المستثمر الوطني بأن حكومته لا تخلط بين النفوذ والمال، ولا تساوم على النزاهة بأي ثمن.
إنها ليست مجرد صورة إعلامية… بل خطوة لها دلالات عميقة، فالقطاع الخاص لن ينهض إلا حين يحظى ببيئة نظيفة خالية من التشبيك غير المشروع، والحكومة بدورها لن تنجح في برامجها دون حماية هذه البيئة من العابثين والمتنفذين، وجعفر حسان، بتاريخه وسمعته، قدّم نموذجًا لرئيس حكومة يقول بجرأة: "لن نسمح لأحد أن يمارس فسادًا أو يؤسس لعلاقة مريبة مهما كان اسمه، ولن نفتح الباب إلا لمن يعمل وفق القانون ويخدم الوطن."
وفي خلاصة المشهد، فإن اللقاء بعث رسالتين متلازمتين: الأولى: القطاع الخاص الوطني شريك استراتيجي في البناء، لا تابع ولا مُستثنى، والثانية – وهي الأهم: الدولة اليوم تقود مشروع الإصلاح بيد نظيفة لا ترتجف، وبعين ترى كل محاولة لخلط المال بالسلطة كخطر لا يُغتفر، وإذا استمر هذا النهج، فإن الأردن سيتجاوز مرحلة التردد نحو مرحلة الفعل الاقتصادي الرشيد، حيث تُصنع الشراكات في الضوء، وتُلغى تلك التي تعيش في الظلال.