facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




انسانيتهم المنتقاة جعلتهم في مواجهة شعوبهم


خلدون ذيب النعيمي
24-11-2025 08:54 AM

مثَّل التقرير الاعلامي الذي بثته احدى وكالات الانباء الاقليمية مؤخراً حول مطالبة مواطني مدينة سراييفو عاصمة البوسنة والهرسك بالكشف عن الجناة الأوروبيين الذين قتلوا مدنيين بوسنيين في تسعينات القرن الماضي وذلك بعدما دفعوا أموالا لأفراد من جيش صرب البوسنة مقابل رحلات إلى سراييفو لممارسة "السياحة الحربية" بغرض التسلية هزة اضافية تساهم في السقوط المريع الحالي لادعاءات الحكومات الغربية في دعم الانسانية على المستوى الدولي ، تلك الحكومات التي ما فتأت في ابراز دورها كحامية لحقوق الانسان وكرامته والمثًل الديمقراطية بل وتربط مساعداتها المالية للدول النامية بهذه المعايير التي يضاف اليها ايضاً حقوق الحيوان والمثليين ، وكان تبرير الساسة الاوروبيين في ذلك "الالتزام" امام شعوبهم ان قارتهم العجوز كانت الميدان الاكبر لمجريات الحرب العالمية الثانية بعدد ضحاياها الاكبر وبالتالي فهي "ذاقت مرارة الظلم" كما ترى.

ورغم التبرير السياسي والاعلامي فأن السيرة الغربية في تبني التزام حقوق الانسان لازمه عدم المصداقية بخضوعه لمعايير المصالح الخاصة والتي وصلت لتسخير استخدام واشهار سلاح هذه "المعايير" خدمة لهذه المصالح ، فالدعم الغربي الدائم على كافة الاصعدة لالة القتل لدولة الاحتلال الاسرائيلي التي قامت على مأساة تهجير الشعب الفلسطيني من وطنه كان عنوانه "أنسانيتهم المنتقاة" بدعم شعب عانى من الهولوكوست على حساب شعب هجر من ارض اباءه واجداده ، وليس بعيداً عن ذلك ايضاً حزمة العقوبات الهائلة التي فرضت على روسيا بسبب حربها على اوكرانيا في شباط 2022 بالتزامن مع الدعم الغربي الكبير لحرب الابادة الاسرائيلية ضد اطفال ونساء غزة التي بدأت في تشرين الاول 2023 ، وهو ما تجسد برفض المنسق السابق للاتحاد الاوروبي جوزيب برويل التعليق على الجرائم الإسرائيلية في غزة مقابل انتقاده الشديد لما جرى في السابع من اكتوبر خلال مقابلته الاعلامية المشهورة.

الثابت في ذلك ان الفشل السياسي الغربي في تعميم المعايير الانسانية كان ميدانه الاول مواجهة شعوبهم لسياسات صانع القرار في هذا الاطار فضلاً عن التجاذبات ورؤية "الرفض" السائدة تجاه الاخر بين تلك الشعوب وذلك مع فوز عدد من الاحزاب اليمينية المتطرفة ، فالاختبار الاول الذي شهده الاتحاد الاوروبي مع خروج بريطانيا منه كان دافعه الشعبي تفوق العرق الانجليزي ورفض عدم مساواته مع شعوب اليونان والبلقان في اتحاد واحد ، وليس بعيداً عنها ابداء الحزب الشعبوي الحاكم في المجر الامتعاض في استقبال لاجئي الحرب الاوكرانية والعمالة الرومانية والبلغارية رغم الجذر السلافي الواحد لهم جميعاً ، فالشعب الهنغاري ما زال في مخيلته ان الرومانيين هم مرادفين للغجر بالنظر ان مصطلح روم مرادف لمصطلح الغجر في اللغات الاوروبية.

"طباخ السم لا بد ان يتذوقه" هذا هو لسان الساسة الغربيين في رفض شعوبهم رهن مقدرات دولهم من اجل دعم الة العدوان الاسرائيلية كتضاد مباشر لرفع لواء الكرامة وحقوق الانسان فضلاً عن استشراء العنصرية الشعبوية في مواجهة قراراتهم الوحدوية في المعضلات الحالية خاصة مواجهة روسيا بما يخص الملف الاوكراني في ظل بروز التلكؤ الاميركي الحاصل في ذلك الملف ، فيبدو جيداً ان صرخة الأم البوسنية فاطمة بوبوفاتش خلال التقرير الاعلامي في بداية المقال "كيف لإنسان أن يقتل طفلا بدم بارد من أجل التسلية !" ومطالبتها بالكشف عن قاتل ولدها ذي الأعوام الست الذي قتل قبل اكثر من ثلاثين عاماً اصبحت بمثابة اللعنة التي تطارد هولاء الساسة بل وتقض مضاجعهم في عقر دارهم .





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :