في سُنّةٍ حميدةٍ، يتنقّلُ (الملك) شيخُ بني هاشم، وسبط سيّد الخلق، من بيتِ عزاءٍ إلى آخر، جابرًا للخواطرِ، ومواسيًا للمكلومين، في مشاعر أخوية وأبويّة خالصة، تؤكّدُ نُبلَ الأخلاق الهاشمية ورِفْعتها.
قائدٌ رائدٌ، صدقَ أهلهُ، وبرَّ بوعدهِ، وأوفى بعهدِه، ليكونَ للأردنيين، الظِلْ الظَليل، بهمّةٍ لا تلين، وبعزمٍ لا يهون، وبمهابةٍ استثنائيةٍ تتبدّى في مُحيّاه الأصيل، وحفظهُ اللهُ هو القائلُ في نعيهِ للحسينِ العظيم (يا أبناء الأسرة الأردنية.. أيها الأهل والعشيرة.
لقد كان الحسين أباً وأخاً لكل واحد منكم كما كان أبي.. وأنتم اليوم إخواني وأخواتي.. وأنتم عزائي ورجائي بعد الله).
المتأملُ في سيرةِ الملك عبدالله الثاني، يجدُ من أقوالهِ وأفعالهِ ما يؤكدُ أنَّ التواضعَ كانَ سِمةً بارزةً من سِماتهِ الخُلُقية الأصيلة التي لم تُفقِده إياها السلطةُ ولا جاه الـمُلْك.
تعوّدنا من الملكِ عبدالله أن تجيءَ كلماتهُ عفوية ومن قلبٍ واثقٍ ومطمئنٍ تجاه شعب وفيّ يقدر لمليكه حرصه على الصراحةِ والشفافيةِ والمجاهرةِ بالحقائق لأن من واجب القائد أن يطلعَ شعبهُ على الوقائع وأن يُخلص في خدمتِهم بما يعزّز التلاحم الوطني ويعمّق الولاء الذي هو سمة مؤصّلة في الشعبِ الأردني طوال تاريخ دولتهِ العريق.
القادةُ في حياةِ الأمم يتعدّدون، ولكن القِلّةُ القليلة هي التي تحفرُ بصمَاتِها في ذاكرةِ الشعوب، وتحتلُّ مكانَها العميقُ في القلوبِ حُبًّا وامتنانًا وتقديرًا. ولغةُ القلب والإنسانية كانت هي المفتاح الذي دخل به الملك عبدالله إلى قلوبِ الجميع، ومن غير ريبٍ، فإنَّ كل من اقترب من هذا الزعيم الإنسان وجده بحرًا في التواضعِ والتعاملِ الإنساني التلقائي، وأُفقًا ممتدًا في البساطةِ والأريحيةِ والإقبالُ على الناسِ، يفعلُ ذلك بسجيةٍ هي طبعٌ أصيلٌ في مكوّنه النفسي، ويُعطي من روحهِ الشفّافةِ أبعادًا عميقةً من الحُبِّ والدفءِ الإنساني.
حكمةُ الملك واعتدالهِ وتسامحهِ وتسامحهِ، وقدرته العالية على استشراف المستقبل، واهتمامه المستمرّ والمتواصل بأسرته الأردنيّة التي وحّدها برجاحة عقله وحلمه في سبيل الوصول إلى الأمان والمجد والعلياء، كانت جسرًا عبر به ومعه الأردنيون نحو آفاق شيّدها الملك وبلغنا بها عنان السماء فخرًا وعزّة وشموخًا.
هؤلاء هم الهاشميون وهذا هو الشعب الاردني الاصيل الذي يدرك بسجاياه النقيه وطيبته الابية ان الانحياز للهاشميين والولاء لقيادتهم هي خيارهم الاوحد الذي لا يقبل الاجتهاد او التأويل.
بالأمسِ كما في كلّ إطلالةٍ له، كان ذلك هو الشعورُ الصادق لكل أردنيٍّ صادقٍ ظفرت عيناهُ برؤيةِ الملك الإنسان.