facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




‏تضحيات خلدت في صفحات المجد


بهاء الدين المعايطة
27-11-2025 11:18 AM

‏‏عندما نكتب عن أجهزتنا الأمنية والعسكرية ترتجف الأيادي، لا خوفًا من شيء، بل خوفًا من أن تظلم كلماتنا جهودهم المبذولة وتضحياتهم وبطولاتهم الكبيرة، وخوفًا من أن تسلب الحروف حق أبنائنا وإخواننا نشامى هذا الوطن، السياج المتين الذي بناه الأجداد، وشيده الآباء والأبناء بدمائهم وتضحياتهم، صنعوه بحبّ الفداء، بأرواحهم الثمينة التي لم يتوانوا يومًا عن تقديمها للوطن، حتى لا يُداس ترابه الزكي.

‏الأمس كان اليوم الذي أقلق الأردنيين جميعًا، وكان التاريخ الأصعب والأثقل علينا، برغم ثقتنا المطلقة بقدرة أجهزتنا وقوّتها، اليوم الذي أعادنا إلى العديد من الأحداث التي أصابت الوطن وأبكت قلوبنا ألمًا عليها، الأحداث التي كان ضحيتها استشهاد الضابط والفرد والأب والابن، وكان العزاء في بيوت الأردنيين جميعًا، تلك الأحداث التي أرهقت قلوبنا وجعًا، لكنها لم تزدنا إلا صلابةً وإيمانًا بأن الوطن لا يُغلى عليه شيء، وأن أرواحنا فداءٌ له.

‏وكم ذكّرتنا تلك الأيام بأحداث مخابرات البقعة وأحداث الكرك التي كتب الدم فيها أثمنَ معاني الوفاء للوطن، يوم كان سائد المعايطة شامخًا كقلعتها، قائدًا لا يهاب الموت ليبقى الوطن عاليًا، ويوم تقدّم راشد الزيود ومعاذ الدماني وعبدالرزاق الدلابيح ورفاقهم من مختلف الكتائب العسكرية، ليجسّدوا معنى الفداء الذي لم يتوانوا لحظة عن الدفاع عن أمن الوطن واستقراره.

‏نالوا الشهادة، وخُلِّدت أسماؤهم على لوحات الشرف، لتبقى شاهدًا على بطولاتٍ لا يبهت مجدها، وعلى رجالٍ ارتقوا ليحيا الوطن.

‏بالأمس حاولت أيدي الظلام أن تجعل من الأردن بقعة دماء، بعدما وضعت الوطن أمام مواجهة حقيقية مع الإرهاب والتطرف الفكري، مواجهةٍ مع أولئك الذين يرون في الوطن وجيشه عدوًا لدودًا، ويحاولون نهشه بكل ما أوتوا من حقد، أولئك الذين يتوهّمون أن للظلام نورًا يهدي إلى أعمالهم الدنيئة، ويظنون أن الدين الحنيف يأمر بالقتل ويحضّ على سفك الدماء، فحوّلوا أنفسهم إلى أدوات رخيصة لتنفيذ غايات التنظيمات الإرهابية المدفوعة بفكرٍ منحرفٍ لا يمتّ إلى الأديان السماوية بصلة.

‏ولم ينالوا ما سعوا إليه، ولم يقدروا على كسر عزيمة الأردنيين وإصرارهم أمام تلك المواجهات، إرهابيّان اثنان كانا الشرارة التي أرادوا بها إدخال الوطن في فوضى، لكن يقظة رجال الأمن وشجاعة دائرة المخابرات العامة أطفأت نارهم قبل أن تمتد، سقط مخططهم في اللحظة التي ظنّوا فيها أنهم قادرون على زعزعة أمن بلدٍ اعتاد الوقوف في وجه العواصف، بلدٍ تحرسه عيون لا تنام وقلوب آمنت بأن حماية الأردن عبادة وواجب.


‏لم يدركوا أن الأردنيّ حين يُستهدف وطنه يزداد ثباتًا، وأن كلمة الحق أقوى من رصاصهم، وأن الأردن لم ولن يكون ساحة سهلة لأفكارهم المريضة، وهكذا، بقي الوطن واقفًا، وبقي الأردنيون على عهدهم، لا مكان للظلام في أرضٍ صانها الشرفاء بدمائهم وإيمانهم وصلابتهم.

‏من صورهم نستمد القوة، ومن عزيمتهم نرتوي فخرًا واعتزازًا، ومن مجدهم يزداد في قلوبنا الاطمئنان، ما شاهدناه اليوم أثناء زيارة عطوفة مدير دائرة المخابرات العامة اللواء الباشا أحمد حسني حتوقاي، وعطوفة مدير الأمن العام اللواء الباشا عبيدالله المعايطة، يعكس المعنوية العالية التي يتحلى بها المصابون الأبطال، كانت الصورة التي التقطت تحمل بين تفاصيلها ما يفوق الكلام، فهي تتحدث عن نفسها، لا نعلم مقدار الوجع الجسدي والنفسي الذي تحملوه، ولا نعرف أحداث ما مروا به إلا عبر شاشات التلفاز، إلا أنهم استطاعوا أن يخفوا حزنهم وألمهم من أجل أن نبقى نحن صامدين.

‏الوطن هو الأم التي تربّينا في حضنها، والأم التي منحتنا حبّها بلا حدود، والتي لم تنتظر منّا إلا الوفاء، وفي إحدى قصائد الشاعر عمر الفرا، شبّه الوطنَ بالأم الحانية ليُعبّر عن دفء الانتماء وصدق الولاء، لم نرَ يومًا أن الوطن خذل أحد أبنائه، بل رأينا من يَعُقّ وطنه لتحقيق مبادئ غريبة تُنمّي فكرًا مبنيًّا على الوهم، كم يؤلمني حقًا أن نرى الكثيرين لا تهمّهم مصلحة الوطن، رغم أنّ الوطن من صُنْعِنا، وكم نرى أشخاصًا لديهم ولاءٌ لأحزابهم أكثر من ولائهم لوطنهم، وكم نرى من يُحرّضون على الفوضى رغم مكوثهم على أرضه، وهل حقًا يستطيع أحدُهم أن يكون كذلك وينعتَ الوطنَ، بينما لم يُقدّم له حتى ساعةً واحدةً من العمل التطوّعي، لسنا بحاجةٍ إلى أن تُدرّس المدارسُ والجامعاتُ المناهجَ التعليمية فقط، بل أصبحنا بحاجةٍ إلى الاكتفاء بمنهاج التربية الوطنية، لأن الوطن أهمّ من كلّ المناهج.

‏اليوم نحيّي كل جندي من جنود هذا الوطن، ونستذكر بكل فخر ذكرى كل شهيد روّى ثرى الوطن بدمه الطاهر، سنبقى نستحضر تضحياتكم، ونقرأ تاريخكم الذي وهبتموه لتبقى راية الوطن خفّاقة لا تنحني، ستظل صفحاتكم راسخة في سجلّ الشرفاء، في كتاب المجد والفخر، أنتم الكبار والقدوة، ونحن صغار أمام كل دقيقة وساعة ويوم قدّمتموه لحماية الوطن ورفعته.

‏ومهما قدّمنا للوطن، نبقى مقصّرين أمام من يسهرون الليل والنهار لحمايته، وأمام من يواجهون أيادي الظلام التي حاولت مرارًا المساس بأمنه وأرضه، لم نقدّم شيئًا يوازي تضحية من بات يتيمًا لأجل أن نبقى نحن آمنين، الوطن اليوم لا يزال يكتب تاريخه بدماء رجاله الأوفياء، أولئك الذين جعلوا من أرواحهم السطر الأول في كتاب المجد، نحن لم نكن أوفياء له بحجم وفائهم، فهم سياج الوطن، وأمنه، ودرعه الحامي، الذين يقاتلون في شتى الجبهات لمواجهة كل عقبة تهدد أمنه.

‏نسأل الله أن يحفظ وطننا الغالي، وأن يمد أجهزتنا الأمنية والعسكرية بالقوة والعزيمة، وأن يحفظ قيادته الحكيمة، ويثبت قلوب أبنائه على حبّه ووفائهم، فكل تضحية، وكل جهد، وكل فداء، يجعلنا أقوى وأفخر بأردننا الحبيب، حفظه الله من كل سوء ومكروه، وجعله درعًا للأمن والسلام لكل أبنائه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :