facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




زيارة البابا لاوون إلى تركيا: بين الدبلوماسية الروحية واستعادة جسور الحوار


د. باسمة السمعان
01-12-2025 06:53 PM

جاءت زيارة البابا لاوون الرابع عشر إلى تركيا كأول محطة مفصلية في مسيرته البابوية، لتجمع بين عمق الرسالة الروحية وبعدها الدبلوماسي في آن واحد. فقد بدت الزيارة وكأنها محاولة واعية لإعادة تثبيت موقع الفاتيكان كقوة أخلاقية مؤثرة في ملفات الشرق الأوسط، مع التشديد على أن الحوار والتعايش ليسا خيارًا هامشيًا بل ضرورة عالمية ملحّة.

منذ اللحظات الأولى، حملت الاستقبالات الرسمية نبرة إيجابية لافتة. فقد وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مواقف البابا تجاه القضية الفلسطينية بأنها «فطِنة» ومتوازنة، معتبرًا أن الفاتيكان يمكن أن يشكّل رافعة معنوية في جهود السلام الإقليمي. هذا الترحيب الرسمي أعطى للزيارة بعدًا سياسيًا واضحًا، خصوصًا مع تركيز البابا على الدعوة إلى «إيقاف الانفجار الأخلاقي» الذي يخلّفه العنف في غزة وأوكرانيا وساحات أخرى.

أما على مستوى الكنائس المحلية، فقد استقبل رؤساء الطوائف المسيحية الزيارة بارتياح كبير، مؤكدين أن وجود البابا في تركيا هو رسالة دعم قوية للجماعات المسيحية الصغيرة، وفرصة لتعزيز قيم العيش المشترك في بلدٍ تتنوع فيه الانتماءات الدينية والثقافية. واعتبر الكثير من قادة الكنائس أن الزيارة أعادت تسليط الضوء على الحضور المسيحي التاريخي في البلاد، وعلى مسؤوليته تجاه «بناء جسور لا تشييد جدران».

في المقابل، أثارت الزيارة موجة من التعليقات الإعلامية المتباينة داخل تركيا. فبينما رأى بعض المحللين أنها خطوة ناجحة نحو تخفيف التوترات الدينية والسياسية في المنطقة، ذهب آخرون—خصوصًا من التيارات القومية أو العلمانية المتشددة—إلى التشكيك في خلفيات الزيارة، معتبرينها ذات طابع سياسي بامتياز. هذا التباين يعكس حساسية المشهد التركي تجاه أي حدث ذي طابع ديني دولي، خصوصًا حين يرتبط بملفات إقليمية مشتعلة.

أما على مستوى الخطاب البابوي، فقد ركّز لاوون الرابع عشر على ثلاثة محاور كبرى.

المحور الأول هو الدعوة إلى السلام ونبذ العنف، حيث وصف الأوضاع الراهنة بأنها «حرب عالمية ثالثة تُخاض على أجزاء»، مؤكدًا أن الإنسانية لا تحتمل المزيد من النزاعات العبثية.

أما المحور الثاني فهو حماية الضعفاء والمهاجرين، إذ أشاد بدور تركيا في استقبال ملايين اللاجئين، داعيًا إلى تحسين ظروفهم ومنحهم كرامة العيش.

أما المحور الثالث فهو ترسيخ التعددية الدينية باعتبارها ركيزة حضارية، مؤكّدًا أن احترام الآخر ليس مجاملة سياسية بل واجبًا إنسانيًا وإيمانيًا.

ختامًا، يمكن القول إن زيارة البابا لاوون إلى تركيا لم تكن مجرد حدث بروتوكولي؛ بل كانت خطوة تشي برغبة واضحة في توجيه البوصلة البابوية نحو الشرق، حيث تتقاطع أزماته، وآماله، وإمكانات السلام فيه. وبين الترحيب السياسي، والحفاوة الكنسية، وتباين التعليقات الإعلامية، يبقى الأثر الأبرز للزيارة هو إعادة فتح نافذة أمل في منطقة تحتاج إلى صوت يذكّر بأن السلام يبدأ من ضمير، وينمو بحوار، ويتجذر بعدل.

Bassima.saman@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :