نزل أمين السماء جبريل إلى أمين الأرض محمد صلى الله عليه وسلم حاملاً معه التكليف بحمل الأمانة في قوله تعالى إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، فمن لا يحمل الأمانة فليس بإنسان ، وأمره بأداء الأمانة فليس مجرد حمل لا أداء قال تعالى إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانة إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل .
حمل محمد الأمانة وأداها فقد صنعه الله منذ كان طفلاً حتى أن قومه اعترفوا له ومنحوه لقب الصادق الأمين قبل أن يبدأ التكليف حيث كان هذا لقبه على مدار أربعين سنة ، وحتى بعد إعلانه الدعوة لم يسحبوا منه هذا اللقب بل أودعوا عنده أموالهم ، ولأنه الأمين ما كان منه عند الهجرة إلا أن كلف علي بن أبي طالب برد الأموال إلى أصحابها. وعمل وهو ابن خمس وعشرين في تجارة خديجة فكان الأمين الذي تباركت به تجارتها وعرضت عليه الزواج وهو اليتيم الذي لا يملك الأموال الطائلة .
واليوم يلوح الحديث عن الأمانة في واقع البشرية المرير الذي قال عنه محمد الأمين لا تقوم الساعة حتى يقال إن في بني فلان رجلاً أميناً. نعم نزعت الأمانة وانتشرت الأخلاق الفاسدة على صعيد الأفراد والدول . انظروا الى هذه الغابة التي نعيش فيها فهيئة الأمم لا تقوم على الحق بل الحق ما تراه الدول الاستعمارية فإذا لم توافق واحدة منها فيسقط القرار . وإنني مشفق على الأمين العام للأمم المتحدة الذي لا يملك إلا التعبير ولكن خطاباته تذهب أدراج الرياح . انظروا الى أمين عام حلف الناتو فهو أمين على حرب من يقف معارضاً سياسة الحلف الاستعماري .
ولو اقتربنا من بيئتنا الإسلامية والعربية فلا نجد دوراً للأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي وكذا الأمين العام لجامعة الدول العربية بينما الجسد الاسلامي ممزق كثر طاعنوه من الأعداء ومن العملاء التابعين لهم . فها نحن قد رأينا مذبحة العصر في غزة ونرى الدم السوداني يسيل وكشمير لا تزال تعاني بينما الروهينجا تحت الذبح .
ونسمع عن الأمين العام للحزب والوزارة ونرى الأداء الذي لا يسر حيث تحول العمل الحزبي إلى دكاكين يطمع ساكنوها بجزء من الكعكة على حساب الشعوب المنكوبة . وتحولت أمانة الوزارة إلى خطوة تثير الطمع بما هو أعلى ولا علاقة للأمانة التي أرادها الله في الأداء .
الأمانة مسؤولية كما قال الأمين محمد صلى الله عليه وسلم ان الله سائل كل راع عما استرها حفظ أم ضيع . وقال عليه السلام من استعمل رجلا على المسلمين وهو يعلم أن في المسلمين من هو خير منه فقد برئت منه ذمة الله .
فيا أيها الأمناء اتقوا الله واقتدوا بسيد الأمناء والأمانة .