facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




العولمة ليس قدرًا محتومًا، تستوجب الانحاء أمامها!


يوسف عبدالله محمود
04-12-2025 12:39 AM

ولا يعرفون الا حتى يصيبهم ولا يعرفون الامر الا تدبُّرا

هذا ما يقوله د. حسن حنفي في كتاب "ما العولمة؟" الذي شاركه فيه د. صادق العظم. ليست قدرًا "العولمة" لا يمكن الفكاك منه كما يشيع بعض الاقتصاديين العالميين والعرب. إرادة الشعوب قادرة ان تطرح "البديل" الذي لا يوقعها في شراك الاستغلال والهيمنة الاقتصادية. البديل هو "السوق العربية المشتركة" التي تستطيع الوقوف في وجه التحديات الخارجية.

مخطئون او مخادعون الذين يعتبرون "العولمة" قدرًا لا فكاك منه. "العولمة" هي كلمة مرادفة للهيمنة الامريكية. هذا ما قاله وزير خارجية أمريكا الأسبق كيسنجر قال: "Globalization is only another word for U.S. domination". هل من اعتراف اكثر صراحة من هذا الاعتراف الذي يدلي به سياسي امريكي مخضرم. ليست والحالة هذه تحفيزًا لاقتصاد الشعوب ليخدم التنمية الاقتصادية الوطنية. انها "هيمنة وتسلط" على موارد الأمم والشعوب. هي -وكما يشير د. سمير امين- "ليست في الواقع الا استراتيجية هيمنة تهدف الولايات المتحدة من خلالها الى ضمان التحكم بالارادة الاقتصادية للعالم". (د. سمير امين "ما بعد الرأسمالية المتهالكة"، ص 160) .

اما الباحث الاقتصادي د. حازم الببلاوي فله رأي مشابه الى حد ما، يقول: "وكانت نتائج العولمة على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي قد مثلت في بعض الأحيان تهميشًا اقتصاديًا لعدد من الدول النامية، ولقطاعات متعددة من المجتمعات حتى في بعض الدول المتقدمة. وكانت مظاهر البؤس والتهميش لا تقل وبالاً على تلك القطاعات والفئات عن ابشع مظاهر العدوان". (د. حازم الببلاوي "الاقتصاد العربي في عصر العولمة"، ص 129) .

هي اذن هيمنة امريكية بامتياز، وباعتراف احد صناع السياسة الخارجية الامريكية. اما الذين يعتبرونها مجرد ظاهرة اقتصادية مبرأة من التسييس فهم إما مخدوعون بالدعاية المضللة التي صاحبت ظهورها او انهم مسووقون أوفياء لاسيادهم. صحيح ان ثمة ثورة المعلومات والتقدم التكنولوجي الذين ازدهر في ظلها لكن كل ذلك لم يخدم "العدالة الاجتماعية" للشعوب. بل لا أقول لقد ضاعف من شقائها وبؤسها. أليس "الإرهاب" مظهرا من مظاهر العولمة؟ اليس السطو المسلح على خيرات البلدان النامية الا مظهرا من مظاهر هذه العولمة؟ اليس انتهاك حقوق الانسان على هذا النحو البشع الا حصادا مرا كأفات "العولمة" البشرية به؟ أليست الاخبار التي باتت تهدد سلامة الانسان في كل مكان الا احد مظاهر هذه "العولمة"؟ .

وفي تصوّري ان العولمة وإن بدت ظاهرة عالمية حديثة فان شرورها هي الشرور نفسها التي ترتد الى الماضي البعيد ما دام مفهومها مرادفا لمفهوم "الهيمنة"! وهنا اقتطف عبارة وردت في خطاب قديم لعضو مجلس الشيوخ الأمريكي ألبرت بيفردج سنة 1898. وهي تشير الى السياسة الامريكية الخارجية. يقول بيفردج: "ان تجارة العالم يجب ان تكون بيدنا وليست من شك في أننا سنستولي عليها كما علّمتنا امنا إنجلترا ان نفعل، ولسوف ننشئ قواعد تجارية في ارجاء العالم كله لتوزيع المنتجات الامريكية، وسنملأ ماء المحيط بأسطولنا التجاري". (ميشيل كامل "أمريكا والشرق العربي"، وزارة الثقافة، دار الكتاب العربي، القاهرة، ص 5) .

تلك هي "الهيمنة" التي تم توارثها والتي حصدت ملايين البشر على امتداد عشرات العقود. لا تحمل "العولمة" رخاءً للبشرية كما يزعم البعض فالربان الذي يقود السفينة لا تعنيه الا مصلحته. مصلحته هي استنزاف اكبر قدر ممكن من موارد الشعوب مجانًا او بأرخص الأسعار! .

ما الذي نستنتجه من كل ما تقدم؟ نستنتج ان ظهور تنمية حقيقية في بلدان العالم الثالث مسألة غير واردة في ظل "عولمة" تقود قطارها اقوى دولة في العالم غير معنية الا بمصالحها الاقتصادية. هذه الدولة هدفها –وكما يشير د. العظم في كتاب "ما العولمة؟"- هو "إعادة ترتيب مشابه لما فعلته "الامبريالية الكلاسيكية". بأوضاع المجتمعات البشرية. بالطبع لن تكون "إعادة الترتيب" هذه في صالح هذه المجتمعات، ستكون في صالح الأقوى في العالم التي ستدير اقتصاده".

اعود الى ما ذكره د. حسن حنفي حين قال "العولمة ليست قدرًا محتومًا". ستكون قدرًا محتومًا في ظل التخاذل العربي والإسلامي الذي يلقي سلاحه بسرعة في وجه التحدي العولمي، قابلاً بشروطها التي تعني "الهيمنة" الامبريالية وزعزعة اية محاولة جادة للتماسك العربي.

وعليه فإني أرى ان كل ما تطرحه علينا "العولمة" التي هي رديف لِ "الهيمنة الامريكية" كما قال كيسنجر نفسه لا يمكن ان تحمل صيغتها هذه رخاءً وسلامًا للعالم. إنها وكما وصفها د. الطيب تيزيني "تريد ان تبتلع الأشياء والناس لتتقيأهم سلعًا. يعني انها تريد ان تطيح بكل هذه المستويات للهويات الوطنية والقومية". (د. الطيب تيزيني "العولمة والهوية الثقافية" من محاضرة القيت في مؤسسة شومان 5/10/1998) .

كيف نرد –اذن- على هذه الهجمة الشرسة؟ هل نقول كما يقول بعض مفكرينا –علينا التعامل معها. التعامل مع ايجابياتها. وهنا أتساءل اين هذه الإيجابيات التي تسوقها لنا العولمة في ظل "الهيمنة"؟ هل ننحني امامها كما هو حاصل الآن، ام نتعامل معها باستنارة؟ .

نرد عليها بانهاء حالة التشرذم العربي. نرد "بالتضامن العربي" الذي يستطيع ان يوقف اختراق "العولمة" للكيانات العربية.

"العولمة" ظاهرة شريرة ما دامت قد جاءتنا تحت مظلة الرأسمالية والامبريالية. ما يتوهمه البعض من مكاسب يمكن ان نجنيها منها مجرد اضغاث أحلام، فانت لست ندًا لهذا القوي حتى تجبره ان يراعي مصالحك. انت مهزوم مقطع الاوصال، فكيف يمكنك ان تفرض اجندتك على "العولمة"! .

جميعنا الان حاكمًا ومحكومين –وكما يشير د. الطيب تيزيني بالحرف الواحد في محاضرته السابقة- "تحت المقصلة. لأن النظام العولمي لا يقبل الا بالجميع، أي لا يقبل بأقل من كل الرؤوس".

النظام العولمي غير مستعد ان يدخل معك وانت الطرف الضعيف في "تفاوض" حول ما تريده من العولمة ومالا تريده. هو يملي عليك ما يريد ولا يترك لك مجالاً للرفض وانت الهش الضعيف. ان رفضت سيتم تهميشك ومحاصرتك اقتصاديًا وسياسيًا. انت هش وضعيف لأنك شُتت، منقسم على نفسك، تمتلك اوراقًا ضاغطة ولكنك لا تستعملها بسبب التشرذم وتعدد الاهواء! .

youseffmahmouddd34@gmail.com





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :