أكتب من باب تفريغ ما في نفسي من شعور ، وليس طمعا" أن يستجيب مسؤول فيرفع هاتفه شاكراً نصيحتي أو موضحاً لشيء غامض أوردته ، أو مصححا" لمعلومة أوردتها وكانت خطأ ، لأن المسؤولين من ربع قرن استخدموا الطين والعجين إلا من رحم الله .

أنا أكتب في الصحافة منذ عام ١٩٧٨ وكان للكلمة دور ، وأذكر أن جلالة الملك الراحل الحسين قد اتصل بي مرتين معلقاً على مقالين لي وشكرني وكنت في غاية الفرح .

كما اتصل بي سمو الأمير غازي بن محمد شاكرا" لمقالي الذي تناول زيارة البابا بندكت للأردن .

لم يتصل غيرهما من رئيس حكومة أو وزير ! وصارت سياستهم أنهم أكبر من التفاعل مع الكلمة رغم ترديد الجميع أن الصحافة سلطة رابعة ، وتبين لي أنهم يريدون الكلمة المؤيدة المادحة العازفة .

أحد الوزراء الحاليين والذي يقود وزارة سيادية صار أكبر من أن يرد على هاتف أو يعطي موعداً، بل يتجاهل واحداً مثلي وأعوذ بالله من التكبر ولكنني على يقين بأنه لو عاش مائة سنة فلن يصل إلى مواقع غادرناها بل سيطويه الزمان قريباً في جهل تام لقاعدة نرددها جميعا" : لو دامت لغيرك ما وصلت إليك .

مسؤول غادر السلطة وكان حين يتحدث تنتفخ أوداجه وكأنه يظن أنه باق ، وها هو اليوم لا يجد من يتصل به .

أيها المسؤولون تواضعوا فالتواضع طريق العلو كما علمنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( من تواضع لله رفعه) . ليتكم تعرضوا عنا بحكم انشغالكم بخدمتنا ، لكننا لا نرى أثرا إيجابياً فالمديونية أغرقتنا ودينارنا ليس له قيمة في أسواقنا والمخدرات تأكل الأخضر واليابس، والجرائم العائلية وصلت إلى قتل الأولاد الهمل للوالدين، وقبل فترة طارد رجال الأمن المحترمون بائعات الهوى فإلى أين نسير وما هي النهاية ؟ لا نريد اتصالاتكم ولا زيارتكم ولكن لا تنكثوا القسم وتحرفوه من خدمة الأمة إلى خدعة الأمة .

بلدنا يحتاج إلى أشراف نظيفي اليد والسلوك والصادقين في حديثهم النابع من قلوبهم .. الناس تريد من يمثلها لا من يمثل عليها .