facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




قيادة التغيير وإدارة الأزمات .. رؤية تقود المؤسسات


لانا ارناؤوط
05-12-2025 05:32 PM

تعيش المؤسسات اليوم في عالم تتسارع فيه الأحداث، وتتغير فيه المعادلات بشكل مفاجئ، الأمر الذي يجعل التغيير وإدارة الأزمات وجهين لعملة واحدة فالأزمة ليست مجرد حدث طارئ، بل لحظة حساسة تكشف مدى قدرة المؤسسة على التكيف، وتبرز قيمة القائد الذي يمتلك رؤية واضحة وإرادة قادرة على تحويل الموقف من تهديد إلى فرصة وفي حين يمكن للتغيير في الظروف الاعتيادية أن يكون تدريجيًا وهادئًا، فإن التغيير داخل الأزمة يأخذ طابعًا أكثر حدة، حيث تتطلب الأزمة قرارات سريعة، وإجراءات واضحة، وتواصلًا حاسمًا يمنع انهيار النظام أو تعطّل العمل.

تمثل شخصية القائد محور النجاح في كلتا الحالتين فالفرد يتحول إلى وكيل تغيير عندما تتكامل رؤيته مع قدراته ومع طبيعة الموقف الذي يعمل فيه وفي حالة الأزمات، تصبح هذه المعادلة أكثر تعقيدًا، لأن الموقف نفسه يكون ضاغطًا، سريع التطور، مليئًا بالغموض وهنا يحتاج القائد إلى أن يجمع بين الصلابة والمرونة؛ فالصلابة تمنحه القدرة على اتخاذ قرارات حازمة، بينما تسمح له المرونة بالتكيّف مع التغيرات المفاجئة التي تفرضها الأزمة.

وتسهم الدراسة الحديثة في توضيح أن مواقف التغيير تنقسم إلى مواقف محفزة وأخرى مستنزِفة وفي عالم إدارة الأزمات، تُعد الأزمات نفسها مواقف مستنزفة للطاقة لأنها تستهلك الموارد وتثير القلق والمقاومة وعلى القائد أن يمتلك ما يكفي من القوة النفسية لإعادة تحويل هذا الموقف إلى محرك للتغيير الإيجابي فالأزمات، على قسوتها، تفتح المجال لإعادة الهيكلة، وتصحيح المسارات، وتطوير الأنظمة، وهي فرص لا تظهر عادة في الأوقات العادية.

وتتداخل خصائص قائد التغيير مع خصائص قائد إدارة الأزمات بصورة واضحة فالقائد الذي يمتلك شغفًا بالتحسين ويبحث باستمرار عن فرص التطوير هو ذاته القادر على رؤية الأزمة كممر نحو مستقبل أفضل والقدرة على التواصل الفعّال تصبح شريان الحياة داخل الأزمة، إذ يحتاج العاملون إلى كلمات مطمئنة، وإلى وضوح في التوجيهات، وإلى قائد يشرح ما يحدث وما المتوقع دون مبالغة أو تهوين كما أن مهارات الحوار والتفاوض تصبح أكثر أهمية لأن الأزمات تكشف التوترات الداخلية وتصعد الخلافات، مما يجعل القدرة على إدارة الصراعات أمرًا جوهريًا لمنع تفكك المؤسسة.

ويظل الإصرار عنصرًا أساسيًا في نجاح إدارة الأزمات؛ فالأزمات قد تُطيل الضغط النفسي على العاملين، وقد تُظهر مؤشرات الفشل في كل مرحلة، لكن القائد الذي يمتلك القدرة على الاستمرار هو من يقود فريقه نحو بر الأمان وتشكل الخبرة بدورها عنصرًا مؤثرًا لأن القائد الذي واجه أزمات سابقة يدرك أن الفوضى ليست نهاية الطريق، وأن التنظيم يمكن أن يولد من قلب الاضطراب.

ومثلما تختلف أنواع قادة التغيير، تختلف كذلك أنماط قادة الأزمات فهناك القائد العاطفي الذي يلهم العاملين ويمنحهم الأمل، وهو مهم بشكل خاص عندما تضعف الروح المعنوية وهناك القائد المتأقلم الذي يعزز ثقافة التعلم من كل أزمة، وهو القادر على تحويل كل خطأ إلى معرفة جديدة بينما يعتمد القائد الاستراتيجي على تحليل معمّق لجذور الأزمة، ليعيد هيكلة الأنظمة بما يتناسب مع الواقع الجديد أما القائد الذي يجري تحسينات مستمرة فهو الأكثر قدرة على منع الأزمات من الأساس، لأنه يراقب التفاصيل الصغيرة التي قد تتحوّل لاحقًا إلى مشكلات كبيرة.

ومواجهة المقاومة الداخلية تصبح جزءًا لا يتجزأ من إدارة الأزمات فالأزمة قد تهدد المصالح وقد تربك العادات الراسخة وقد تغيّر موقع بعض أصحاب النفوذ داخل المؤسسة ولذا يحتاج القائد إلى التواصل بفعالية، وشرح خطوات التعامل مع الأزمة، وإشراك العاملين في الحلول بدل تركهم فريسة للشائعات والقلق وتؤكد التجارب أن بناء الثقة هو السلاح الأقوى وقت الأزمات، وأن القائد الذي يتواصل بصدق ويعرض الحقائق كما هي، يكسب دعم فريقه حتى لو كانت الظروف صعبة.

ولا تكتمل إدارة الأزمة دون رؤية واضحة للمستقبل فالرؤية هي البوصلة التي تمنع السفينة من الضياع وبعد تشخيص الأزمة، يبدأ القائد في بناء تحالفات داخلية مع أصحاب المصلحة المؤثرين لضمان دعمهم، لأن الأزمات تغيّر موازين القوى داخل المؤسسة وقد تولّد صراعات جديدة وهنا يجب تقييم النفوذ الداخلي، وتحديد الشخصيات المحورية، وتوظيف العلاقات السياسية الداخلية لصالح استقرار المؤسسة.

أما مرحلة الانتقال من الأزمة إلى التعافي، فهي المرحلة الأكثر تحديًا، لأنها تتطلب تخطيطًا دقيقًا للخطوات القادمة وتحديد الأشخاص الذين سيقودون عملية التعافي وبناء فرق قوية قادرة على تنفيذ التحول ويتطلب الأمر إنشاء هياكل واضحة لإدارة الأزمة، وتحديد مسؤوليات كل طرف، وتوفير الموارد والدعم النفسي والمهني للعاملين.

وفي النهاية، يتضح أن التغيير وإدارة الأزمات ليسا مجالين منفصلين، بل هما امتداد طبيعي لبعضهما البعض فكل أزمة تخلق حاجة إلى تغيير، وكل تغيير قوي يعتمد على مهارات إدارة الأزمات والمؤسسات التي تنجح في كليهما هي تلك التي تمتلك قادة ينظرون إلى المستقبل بثقة، ويجيدون قراءة الواقع، ويعرفون أن أكبر الأزمات قد تحمل في داخلها بذور أعظم فرص التقدم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :