الأردن بمواجهة الضم الصامت!
محمد حسن التل
06-12-2025 08:34 PM
تسير إسرائيل بخطى مبرمجة نحو ضم الضفة الغربية مستغلة الفوضى التى خلقتها في قطاع غزة ولبنان وانشغال العالم بهذين الملفين وبالكاد يذكر ما يحدث في الضفة الغربية من عملية نسج خيوط محكمة للجريمة هناك من قتل واعتقال وتدمير للبناء وتضييق محكم على حركة المواطنيين وكأنهم في معتقل كبير!!
المراقب لما يجري في الضفة الغربية يرى ان إسرائيل تتحرك بتسارع ملحوظ لإنجاز مشروعها وخلق رسم جغرافي جديد بملامح جديدة من خلال المستوطنات، ومصادرة الأرض ، وهذا يؤكد على وجود نية حقيقية لجعل الواقع الجديد الذي ترسم ملامحه لا يمكن التراجع عنه!!
ما تقوم به إسرائيل ليس مجرد سياسة أمنية كما تدّعي، بل هو مشروع هيمنة على الأرض، يتم تنفيذه تدريجيًا وبهدوء، "الضم الصامت" دون الحاجة إلى إعلان ضم رسمي. فحين تُحاصر القرى الفلسطينية بالمستوطنات من كل الجهات، وتُقسم الضفة إلى مربعات منفصلة، يصبح الحديث عن دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا أقرب إلى الخيال !!
المقلق في الأمر أن هذه الخطوات تتم في وقت ليس فيه مفاوضات وغياب ضغوط دولية جدية، ولا إرادة حقيقيه لوقف حلقات مسلسل الجريمة..
ما يجري اليوم هو إعادة رسم للخريطة دون اتفاق، ودون قبول من الطرف المتضرر. إسرائيل تستغل اللحظة السياسية الهشة لتثبيت ما تسميه “حقائق على الأرض”، وهي حقائق يصعب تغييرها مستقبلاً حتى لو تغيرت الحكومات أو عاد الحديث عن السلام.
السياسة الاسرائيلية هذه لا تُبشّر بالاستقرار فكل مستوطنة جديدة تعني مزيدًا من الاحتقان، وكل طريق التفافي يعني مزيدًا من العزلة للفلسطينيين. وإذا كانت إسرائيل تراهن على أن السيطرة الميدانية ستجلب لها الأمن، فإن التجربة التاريخية تثبت أن الأمن لا يُبنى بالقوة وحدها!!
يبدو أن الضفة الغربية اليوم أمام مفترق خطي،. إسرائيل تمضي في طريق قد يؤدي إلى ضم فعلي، بينما الفلسطينيون يشعرون بأن أرضهم تُنتزع منهم وبين هذين الاتجاهين، يبقى المستقبل ضبابيًا، وربما أكثر تعقيدًا مما يتخيله الطرفان.
وفي خضم هذا المشهد، يصبح الحديث عن التهجير جزءًا من الصورة نفسها التي ترسمها إسرائيل عبر المستوطنات والضم الصامت، فحين تُحاصر القرى وتُقطع أوصال المدن وتتحول الضفة إلى فسيفساء معزولة، يبرز الخطر الحقيقي وهو دفع الفلسطينيين نحو خيارات قسرية لا يريدونها، وفي مقدمتها التهجير، وهنا يظهر التحدي المباشر للأردن، إذ يدرك أن خنق الضفة بهذا الشكل ليس مجرد تغيير جغرافي، بل تغييب تدريجي لوجود شعب على أرضه تمهيدًا لدفعه خارجها، الأردن بكل وضوح، يرفض هذا المسار رفضًا قاطعًا واعتبر أن اي محاولة لدفع الفلسطيين للخروج إلى الأردن اعلان حرب، ويعلن أن المساس بالتركيبة السكانية في الاردن او الضفةالغربية قضية تمس أمنه الوطني واستقراره وهويته ، لذلك فإن أي محاولة فرض واقع يؤدي إلى انتقال الضغط السكاني عبر الحدود تمثل خطًا أحمر بالنسبة لعمّان، التي ترى أن حماية الفلسطينيين في أرضهم جزء لا يتجزأ من حماية مستقبل المنطقة كلها..
الضفة تقف اليوم على حافة تحوّل خطير، تتقاطع فيه خرائط المستوطنات مع مخاوف التهجير ومعركة الهوية، ورغم كل هذا السواد، يبقى الأمل معلّقًا على وعي الشعوب وقدرتها على كسر صمت العالم، لأن ما يُرسم الآن لن يحدّد مصير الفلسطينيين وحدهم، بل شكل المنطقة لعقود قادمة..
الأردن طالما اعتبر ان قيام الدولة الفلسطينية ليست فقط من حق الشعب المنكوب بل ايضا قيام هذا الدولة يشكل مصلحة وطنية أردنية عليا، لذلك يحمل الملك عبد الله الثاني الملف منذ أكثر من عشرين عاما لما لهذا الملف من خطورة بالغه على امن الاردن واسقرارة وهويته..
ما يحدث في غزة يجب ان لا يبعد الأنظار عما يجري في الضفة فشهود العيان من هناك وبعيدا عما ينشره الاعلام يؤكدون أن اسرائيل ماضية على الأرض بتنفيذ مخطط الضم ولديها خرائط يتفذها جيش الإحتلال بتسارع لافت ..فهل يترك الاردن بمواجهة هذا التحدي وحده؟!!