غياب المساءلة والمجتمع الدولي
خولة كامل الكردي
09-12-2025 11:45 PM
تعد المساءلة من أهم دعائم قيام دولة القانون، ينصف فيها المظلوم و يؤخذ على يد المتجاوز على حقوق الآخرين، و ما نراه في الساحة الدولية من اختلال ميزان القوانين و العدالة، فتطبيقها سائر على أشخاص متهمون بمخالفات جنائية دولية جسيمة بعينهم ليسوا على هوى الغرب، لكننا نجد تهاوي تلك القوانين عندما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال الإسرائيلي، فبعد عامين من قتل وتجويع الأبرياء في غزة و تدمير البيوت و القضاء على البنى التحتية هناك، لم يتحرك المجتمع الدولي ليضع حدا لممارسات الجيش الإسرائيلي، لكنه يحاسب دولا أخرى بحزم ويتذكر ساعتها أن هناك قوانين دولية، مجتمع دولي يعترف بتلك القوانين إن كان المتهم ليس من ضمن الحلفاء الذين تربطهم مصالح خاصة مع الدول الغربية منها.
فكيف تفسر حرب الإبادة الجماعية التي شنتها حكومة نتنياهو المتطرفة على قطاع غزة، ولم يتعرض لأي مساءلة جنائية تجاه الأعمال الوحشية التي قام بها جيشه المجرم ضد أهالي قطاع غزة و الضفة الغربية، في حين نرى الغرب يقف صفا واحدا لمحاسبة بوتين واتهامه بجرائم دولية في أوكرانيا! وربما تناست أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية ما فعله جيش الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين العزل في غزة و الضفة وجنوب لبنان و سوريا.
المساءلة القانونية التي يتباهى المجتمع الدولي كأحد ركائز عمله، بينما في حقيقة الأمر لا تعد سوى شعار بيد الغرب فيطبقونه على خصومهم، و يغفلون عنه بإرادتهم لمن يخدم و يحقق لهم مصالحهم، بل و وصل التهاون بالقوانين الدولية و من ضمنها المساءلة القانونية إلى فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية و قضاتها و المدعي العام، من وحي الدعوى التي رفعت ضد دولة الاحتلال بسبب جرائمها المروعة في قطاع غزة.
بلا أدنى شك أن غياب المساءلة القانونية تهدد السلم الدولي و الاستقرار في عموم العالم، فلو تم تطبيق المساءلة القانونية بشكل جاد و شفاف ومن دون تمييز، لما تجرأت دولة الاحتلال الإسرائيلي و ارتكبت إبادة جماعية وحشية و تطهير عرقي خطير في قطاع غزة، ولما تمادت لدرجة احتلال ما يقارب من ٥٣٪ من أراضي قطاع غزة، و مراوغتها في إدخال المساعدات الإنسانية، بل وقامت باختراق الهدنة عشرات المرات بقتل الناس قصداً وذلك بعدم السماح بعبور المساعدات الإنسانية الطبية و المنظمات والمؤسسات الدولية الطبية، و تعميق تدمير القطاع في داخل المنطقة الصفراء بنسف المباني المتبقية بصورة مستمرة، غايتها إبقاء الوضع على ما هو عليه، بقتل أي معلم للحياة وزرع اليأس في نفوس الغزيين، لتنفيذ مشروع تهجير للفلسطينيين من قطاع غزة إلى الخارج.
فهل سيأتي اليوم الذي تحاسب فيه حكومة نتنياهو على أعمالها اللاتسانية في غزة و الضفة الغربية؟!.