حول مقابلة هند الفايز مع سمير الحياري
أ.د. سعد ابو دية
10-12-2025 07:33 PM
اولا: هند الفايز احدى طلابي في جامعة اليرموك، وفي يوم 4 نيسان 1989 دعوت دولة بهجت التلهوني أبو عدنان رحمه الله لمحاضرة، وحضر رئيس الجامعة المرحوم محمد حمدان والطلاب، وبعد المحاضرة تكلمت هند وعلقت بحماس بالغ وسألني دولته: من هي؟ قلت له: هند حاكم الفايز، وأكلت الحديث بعد الانتهاء من كل اللقاء، وكان بعض حديثها عن والدها المعتقل في سوريا، وقال لها دولته: نبحث الموضوع. ورتبت لها لقاء خاص مع دولته، وحضرت اللقاء، وكان عن الافراج عن والدها حاكم، وملخص الحديث ان دولته قال لها: يمكن ان يساعد في الموضوع دولة زيد الرفاعي وكان رئيس الوزراء، وعلاقته جيدة مع السوريين، ووعد ان يرتب لها لقاء مع دولة زيد. والشيء الاغرب من الخيال انه تم الافراج عن حاكم بعدها بأيام واحتمال ان دون أبو سمير حكى ولم يتأخر، وبعدها وقعت الاحداث وتغير الرئيس.
مع الاخ حاكم الفايز.. هنأت حاكم الفايز واصبحنا اصدقاء، وتفاعلت الكيميل بيننا بسرعة، وكان اذا ذكرني يقول: الصديق. وكيف خدعه الذي جاء لاعتقاله... طرق الباب، كان يمسك بيده جريدة، ولما فتح حاكم الباب لم يكن المسدس بيديه، وبسرعة ألقى الزائر الجريدة وتحتها مسدس، وساعة القدر يعمى البصر، اذ ان حاكم لا يتحرك متر خارج المنزل دون مسدس.
ما جاء في المقابلة... وتعليقي وشيء لا احب ان يستمر.. في موضوع وتعليق طرحته هند على جلالة الملك: ان النواب ينتخبهم الشعب ولكن قرار الحل ليس قرار الشعب، وتقول ان جلالة الملك وعدها ان لا يحل ذلك المجلس. المشكلة ان عندنا تقليد ان رئيس الوزراء والنواب يقضيان نفس المدة ويعيش الاثنان في امان وظيفي لاربع سنوات، وبينهما وحدة الحال، ويصبحان سلطة واحدة، ويغيب الابداع والتطوير بغياب الرقابة. لو في رقابة لم يعتدي أمين عام وزارة اقسم اليمين ويشتري ارض بسعر ويبيعها بسعر، وغاب مفهوم النائب الدسم الذي اقترحه المرحوم عبد اللطيف عربيات. ليس المطلوب نائبا كثير التشخيص، وفي المقابلة كما حكت هند ان النائب مرعوب بالرغم من الحصانة، وهي قالت ان النواب يقولوا لها: لا نستطيع ان نكون مثلك او في سقفك... ما هذا؟ نائب ورجل يشتكي لسيده....؟؟؟؟؟ وعلى ذكر المرعوب هذه عبارة كررها مرارا وتردد صداها، وهي عبارة: الحكومة المرعوبة، يعني السلطة التنفيذية مرعوبة، ويقولها أبو عصام المقاتل، ومعه حق يشتكي، ربما البيئه غير فعاله. قال أبو عصام: اي مستثمر يراجع واذا لم ينهِ خلال ثلاثة ايام يراجع الرئيس ولم يحصل تقدم. وللعلم كان باسم عوض الله يصول ويجول غير سائل عن احد. وتشتكي هند ان مشروعها احتاج لـ 38 توقيع وكل توقيع شهرين، وبالاصرار اخذته وشغلت حوالي 40 اردني. انظر لها من ناحيه ان البطاله مسوؤل عنها بعض الاردنيين وليس الحكومه فقط، وهذا ليس موجودا في مصر. انظر الى مشاريعهم السياحية، والله سحر العقبة كمكان افضل من شرم الشيخ، لكن الادارة والبيئة مهمان.
وعلى فكرة في مشاكل وفي حلول، المهم الحل الجيد. قدم التشخيص والحل، ولا تقدم تشخيصا وخاصة التشخيص الخاطئ، في مسألة المخدرات لا اوافق هند على رأيها في الحل. الحل يلزمه بيئه وقائد، لا فائدة من عبقرية القائد في بيئه غير متعاونه او لا سمح الله فاسدة.
يقول المصريون: هناك زعامة بلا رجال او رجال بلا زعامة. قالوا لي: البلد الفلاني رجال بلا زعامة. والان الحل ان نعمل على خلق البيئة الصالحة للعمل وقيادة كفؤة جدا، وليس ضروريا ان نزج بمستويات عليا جدا، يمكن رئيس وزراء قوي فيه شرط الكفاية والمعرفة والعدالة، وسيجعل من الاردن افضل من سنغافورة. ونريد الاحتكاك بالاقاليم.
عملت كتابا عن السلطان قابوس رحمه الله وقرأه جلالة السلطان وغير فيه كلمة واحدة فقط: تمرد بدلا من ثورة. ولاحظت انه يتجول في الاقاليم وليس زيارات عابرة، بل يقيم، وانهم لا يشترون شيئا لا يحتاجونه، بل حسب الاولويات، واعاد بناء الانسان العماني (البيئة) حتى اختار له لباس العماني. وقبل عهده كان بعض العمانيين في وظائف بسيطة اقل من تلك التي يأخذها القادمون من دول عربية. واخيرا تفاعل البيئة مع القائد والمتابعة.
ونحن في الاردن اخصائيون في عدم المتابعة، اساتذة. والمتابعة والقيادة والبيئة ثالوث، وهذا احسن وابسط مثل: ذات يوم تضايق الناس في الزرقاء من البلطجة، وسأل جلالة الملك حسين رحمه الله مدير الشرطة المرحوم عبد الوهاب النوايسه: ما القصة؟؟؟ قال: سيدي، المتنفذون يعطلوننا عن القيام بالواجب! قال جلالته: هذا تلفوني، اعطيهم اياه اذا راجعوك..... وقام عبد الوهاب بالواجب. كان عمر بن الخطاب يحمي الوالي وخاصة من الافتراءات، ومرة قال لأهل بلاد الشام: هيا الى العراق "لقد باض الشيطان فيهم وفرخ".
ومن الامثلة على عدم المتابعة موضوع اطلاق النار في المناسبات. واجتمع جلالته مع رئيس الحكومة ووزير الداخلية ومدير الامن ومدير المخابرات في شهر آب 2010 وطلب منهم منع اطلاق النار في المناسبات، وظل هذا الموضوع حتى عام 2017، السبب عدم المتابعة من المعنيين.
واخيرا شيء صار معي: طلب جلالة الملك من رئيس الاركان ومدير المخابرات حل مشكلة في معان، وتمت دعوة 17 شخصية من اعيان ووزراء ونواب معان لحل المشكله، ولم يحققوا شيئا، واتصل بي طيب الذكر علي المجالي مدير مخابرات معان ان اساهم في الحل، وذهبت مع ابن اخي سمير (أبو ديه) عقيد مخابرات م، والاستاذ الدكتور محمد أبو ديه، وبعد اجتماع نصف ساعه فهمنا المطلوب وتحركنا، وعلى قاعدة الباب الضخم يفتحه مفتاح صغير توصلنا للحل. واخر ما علق في ذهني عبارة قالها الاخ علي: هذا تفكير علمي نحن بحاجة اليه. والله يوفق بلدنا وتكون بيئة مثالية.
لا تنتظروا الحل من غيركم، ومن عتب على الزمان طال عتابه. لا تشتكوا، ابدأوا باصلاح انفسكم، وما لكم ومال غيركم من العرب، خاصة العرب المنكوبين..... بعضنا يوم بلشانين في هذا او ذاك. اعملوا الصالح ولا تضيعوا وقتكم، ووقتكم هو حياتكم. لا تفرطوا فيها، هي نعمة من الله، قدروها، والله يهدينا جميعا.