facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




ما بين القائد وجنوده .. ضحكة من القلب


لانا ارناؤوط
12-12-2025 02:35 AM

في مشهد أخلاقي عميق الجذور، يعكس مدرسة قيادة متجذّرة في التاريخ والوجدان هكذا جاءت زيارة جلالة الملك عبدالله الثاني إلى رفاقه من المتقاعدين العسكريين زيارة لم تكن خبرًا عابرًا، بل درسًا كاملًا في العلاقة بين القائد وجنوده، بين الإنسان والإنسان.

لم يكن المشهد رسميًا بقدر ما كان حميميًا لم يكن الملك في موقع القائد فقط، بل في موقع الرفيق، الشريك في الذاكرة والتجربة، ابن المؤسسة العسكرية التي تُبنى العلاقات فيها على العيش المشترك لا على المراسم جلس معهم، صافحهم بأعين تسبق اليد، استمع أكثر مما تحدث، وابتسم كما يبتسم الأخ لا كما يبتسم المسؤول هنا فقط نفهم أن التواضع الحقيقي لا يُتعلّم من كتب القيادة، بل يُورث كما تُورث القيم، وكما تُصان المبادئ في البيوت قبل القصور.

ولأن كل قيمة أصيلة تجد دائمًا من يحاول التشكيك فيها، تظهر بعض الأصوات التي تُصرّ على أي موقف إيجابي باتجاه الظنون والتأويلات منهم من يتحدث عن "أحداث خلفية"، ومن يذهب إلى أبعد من ذلك في تحميل الزيارة رسائل لا وجود لها، وكأن بساطة العلاقة بين القائد وجنده لا يمكن أن تكون إلا تمثيلًا هؤلاء ينسون – أو يتناسون – أن العفوية لا تُزوّر، وأن الصدق لا يحتاج إلى مسرح، وأن من تربّى على خدمة الناس لا يبحث عن ضوء كاميرا ليُثبت نفسه.

إن محاولة تخوين نوايا جلالة الملك في مثل هذه اللقاءات ليست فقط قراءة خاطئة، بل ظلمٌ للقيم التي تربى عليها الهاشميون فالتواضع عندهم لم يكن يومًا حالة موسمية ولا سلوكًا سياسيًا لحشد إعجاب أو لتجميل صورة هو امتداد لسيرة طويلة من القرب من الناس، من الإحساس العميق بأن المنصب تكليف لا تشريف، وبأن القيادة أخلاق قبل أن تكون سلطات ولهذا لم يكن غريبًا أن يظهر الملك في هذه الزيارة متجردًا من كل المظاهر، حاضرًا بروحه قبل موقعه، وبلقائه قبل مراسيمه.

العلاقة بين جلالة الملك ورفاقه في المؤسسة العسكرية هي علاقة أبناء مدرسة واحدة، تشكّلت فيها القيم على الانضباط، والولاء، والشرف، والتضحية هؤلاء الذين حملوا السلاح يومًا دفاعًا عن الوطن، يحملون اليوم وساما ينقش على الصدر حين يزورهم قائدهم، فهو لا يزور أجسادًا أرهقها التعب، بل يزور تاريخًا حيًا من الفداء ومن يعرف هذه المدرسة يعرف أن الروابط فيها لا يمكن صناعتها أمام عدسة، ولا يمكن فكّها بثرثرة.

في تلك الزيارة، لم يكن التواضع مجرد صورة، بل كان لغة كاملة لغة تقول إن الإنسان هو القيمة الأعلى، وإن الجندي لا ينتهي دوره بانتهاء خدمته، وإن الرفقة لا تنقطع بتغير المواقع كان الملك واحدًا منهم، لا فوقهم وهذا هو الامتحان الحقيقي لأي قائد: أن يكون كبيرًا في موقعه، وقريبًا في سلوكه، وعميقًا في إنسانيته.

إن هذه اللفتات البسيطة في شكلها، العميقة في معناها، هي ما يصنع فرقًا حقيقيًا في وجدان الشعوب وهي ما تجعل الأردني يشعر أن قائده يعرفه، يشعر به، ويشاركه تفاصيله فالتواضع حين يكون طبيعيًا، لا يحتاج إلى إعلان، ولا إلى تبرير، ولا إلى تفسير هو يُرى، ويُحَسّ، ويُصدّق.

وهكذا تبقى مثل هذه الزيارات شهادة حيّة على أن القرب من الناس ليس موقفًا عابرًا، بل نهجًا راسخًا في الحكم الهاشمي. وفي الوقت الذي ينشغل فيه البعض بتأويل النوايا، تستمر الأفعال في قول الحقيقة كما هي: قائد يذهب إلى رفاقه لا ليؤكّد مكانته، بل ليؤكّد مكانتهم وبمثل هذه المواقف، يتجدد الإيمان بأن الوطن يُبنى حين تلتقي الإنسانية بالمسؤولية، وحين يكون القائد قريبًا بما يكفي ليشعر، وكبيرًا بما يكفي ليُلهِم.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :