facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




تأبين غازي مشربش .. الأردنيون بأجمل صورة


أحمد الحوراني
14-12-2025 02:47 PM

لم أكن قد عرفت المرحوم الدكتور غازي مشربش إلا في إطار ما كان يتردد اسمه على سمعي نائبًا في البرلمان الأردني وعضوًا في بعض لجانه، ورجلًا فاعلًا في محيطه المجتمعي والعائلي، ثم تشاء الأقدار أن أعرفه أكثر من خلال ما قاله المتحدثون في حفل تأبينه يوم أمس في الذكرى السنوية الأولى لرحيله، ولست أرمي من هذه المقالة إعادة ما قيل فيه وما حمله من سجايا لأنه كان نموذجًا للإنسان الذي آمن بأن قيمة حياة المرء إنما تكمن في الانجاز وبحجم الأثر الذي يتركه كلٌّ منا في حياة الآخرين، وهكذا عاش ومات أبو فريد وطنيًّا أردنيًّا عربيًّا، لا يملك الواقف إزاء شخصيته إلا أن يُعجب بصمودها، وعصاميتها، ووفائها، وإخلاصها للمبدأ ، ثم إنه عرف كيف يكون رجلًا توافقيًا وشخصًا نبيلًا، متدرجًا في العطاء من قمّةٍ إلى قمّة، مستحقًّا للثناء والتكريم في حياته وبعد رحيله عن واحد وثمانين عامًا شكلت بجوهرها ملحمة إنسانية مذهلة هي مزيج من العمل الذي صاغه الفقيد بخبرة المعلم وحرفية ومهارة الفنان لتسهم كافة الأعمال التي تركها وطبعها باسمه مقترنة بتجربة إنسانية رسمت حكاية اسمها نجاح الدكتور غازي مشربش.

بالأمس، كان التأبين صورة ستبقى عالقة في وجدان كل من تشرّف بالحضور ونحن منهم، ذلك أنها صورة ناصعة في النقاء والصفاء وتجسيد أسمى معاني وحدتنا الوطنية التي تجمع ولا تفرّق، ولا تشترط سوى صدق الانتماء للثرى والعرش دون اعتبار للون ولا لدين ولا لجنس، وهو الارتكاز الذي استند عليه الدكتور مشربش في جميع مراحل عمله من أجل الوطن لأنه كان خير من يؤمن بحقيقة أنه لا يمكن فهم العمل الوطني أو الولوج في ثناياه دون أن تكون الوحدة الوطنية حاضرة في ضمير كل وطني شريف وأن أي محاولة التفاف أو احتيال أو تحايل عليها هو غدر وخيانة لا تُغتفر لأن الهوية الأردنية بنظر أبو فريد كانت تعني كرامة وعقيدة لا تنبذ عرقًا أو دينًا أو منشأ أو لغة، ولا ترفض منتميًا مسيحيًا كان أو مسلمًا، وأن الهوية الوطنية هي الأردن قيادة وجيشًا وشعبًا وحضارة، وقيمًا راسخة، وتضحيات نبيلة للبناة الأوائل، وشهداء رووا التراب كي تبقى الراية خفاقة، وأمهات مسلمات ومسيحيات زغردن للوطن بشرف وهمة وقوة لا تلين.

بالأمس كان المشهد بليغًا ولطالما كان علامة فارقة في مجتمعنا الأردني، تلك الحالة من الوحدة التي ما زالت شوكة تؤرّق ليل الطغاة الطامعين في رؤية الوطن مفككًا وهو منهم براء، ولعل كل من شاهد شيخ الدين الإسلامي ورجل الدين المسيحي يتعانقان وهما يرفعان الأكفّ لله أن يرحم أبا فريد، عرف أننا في هذا الوطن قد طال فخرنا عنان السماء ونحن في مركب واحد نعمل لغاية واحدة ولفكرة واحدة ولهدف واحد لا يفرق جمعنا أي ناعق بفتنة أو داع لتمزيق شملنا، ولعمري ما كان هذا الإجماع على أبي فريد لولا أنه الذي فرض على الناس محبته وهو الذي التزم بهذا النهج عمره كله وترك بصمات لا تمحوها الأيام في كل مرحلة من خدمته الطويلة للأردن مواطنًا عربيًا أصيلًا ورسالة ماجدة وقيادة هاشمية أمينة سامية الرايات والغايات، وكل ذلك يجعلنا أكثر وفاءً لروحه الطاهرة وهو الباقي فينا أمثولة للرجل المؤسس المثابر الذي لم يعرف الكلل ولا الملل ولم يبخل على من حوله بالنصح والتوجيه ولم يدخر خبراته ومعارفه وعلومه لنفسه ولم يحجبها عن الآخرين وكل من قصد الاقتباس من حكمته وسعة اطلاعه.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :