كثير من القضايا الحقوقية والجزائية البسيطة، وكذلك بعض القضايا الصحية، تُعد في جوهرها قضايا محدودة الوقائع وواضحة المعايير القانونية، وغالبًا ما تكون أحكامها الصادرة عن قاضي الصلح محل طعن أمام محكمة الاستئناف. وفي هذا الإطار، يبرز مفهوم قاضي الذكاء الصناعي كحل عصري يمكن أن يحل محل قاضي الصلح في هذا النوع من القضايا دون المساس بضمانات العدالة.
يسهم قاضي الذكاء الصناعي في توفير الوقت من خلال الفصل السريع في القضايا المتكررة والمتشابهة، وتوفير الجهد على القضاة والمتقاضين وموظفي المحاكم، إضافة إلى توفير المال عبر تقليل نفقات التقاضي والتنقل، وكذلك توفير أجور تعيين القضاة وما يترتب عليها من رواتب ومخصصات إدارية. كما يؤدي إلى تخفيف الازدحامات المرورية الناتجة عن مراجعة المحاكم، والحد من الاكتظاظ داخل قصور العدل.
ومن المهم التوضيح أن المقصود بـ قاضي الذكاء الصناعي لا يعني قاضيًا روبوتيًا أو آلة تحل محل الإنسان، بل هو برنامج قانوني ضخم ومتطور يضم جميع التشريعات النافذة، والأنظمة والتعليمات، والاجتهادات والقرارات القضائية السابقة، ويعمل وفق خوارزميات قانونية دقيقة تضمن التطبيق السليم للنصوص القانونية على الوقائع المعروضة.
ويُفَعَّل هذا البرنامج تحت إشراف وزارة العدل وبالتنسيق الكامل مع المجلس القضائي الموقر ونقابة المحامين، بما يضمن سلامة الإطار القانوني، وحماية حقوق المتقاضين، ومراعاة أخلاقيات المهنة، وتحقيق العدالة الناجزة.
ومع التأكيد على أن دور قاضي الذكاء الصناعي تكميلي لا بديل مطلق، يبقى قرار قاضي الذكاء الصناعي قابلاً للطعن أمام محكمة الاستئناف، بما يضمن الرقابة القضائية الكاملة وحماية حق التقاضي، ويحقق التوازن بين عدالة القانون وكفاءة التكنولوجيا..