هل تطفئ الدبلوماسية احتمالات الحرب؟
ماهر ابو طير
17-12-2025 12:36 AM
ليس معروفا بعد إذا ما كانت إيران ستتعرض لضربة من إسرائيل والولايات المتحدة أم لا، إذ قد تطفئ الدبلوماسية احتمالات الحرب.
المؤشر الأهم الذي علينا أن نقرأه في الأردن بشكل عميق يرتبط بأي ضربة اسرائيلية كبرى قد يتعرض لها لبنان، حيث من المستحيل ان تذهب واشنطن ومعها تل ابيب إلى ضربة ضد إيران قبيل تسوية الحسابات في لبنان، من اجل انهاء اي اخطار من شمال فلسطين.
هذا يعني ان اللحظة التي قد نرى فيها ضربة كبرى وواسعة ضد لبنان، سندرك ان إيران بعدها، من حيث التواقيت والكلف النهائية.
في كل الاحوال تطاولت اسرائيل على الجميع، ولم تترك احدا من شرها وكيدها، وما يتوجب البحث فيه حقا، وضع الأردن اذا حدثت ضربة ضد إيران، لاعتبارات كثيرة، خصوصا، ان إيران هي الجار الشرقي الثاني للأردن، بما يعنيه ذلك من تدفق مؤكد للاخطار.
في حرب حزيران التي استمرت اثني عشر يوما فقط، انهمرت الصواريخ الإيرانية عبر الأردن، وكانت سماء الأردن ساحة عسكرية مما ترك اثرا على حركة الطيران، وتوقف الغاز المتدفق من فلسطين المحتلة إلى الأردن، فأجبر الأردن على اللجوء لبدائل، وسقطت الصواريخ الإيرانية على الأردن برغم طلب مسؤولين أردنيين من طهران عدم استعمال السماء الأردنية، وهذا طلب قيل خلال الضربة التي سبقت هذه الضربة، ووعد الإيرانيون خيرا إلا ان هذا لم يحدث، وكانت رشقات الصواريخ تنهمر يوميا.
الضربة الكبرى المحتملة ضد إيران اخطر بكثير من الضربات السابقة، لأن المسألة اليوم مسألة حياة وموت، وبقاء او فناء، وكل المعلومات تؤكد ان الرد الإيراني سيكون مختلفا، مقارنة بالمرات الماضية التي ربما تعمدت طهران خلالها التحكم في سقف غضبها، وعدم الذهاب بعيدا في رد الفعل، فوق الاضرار التي لحقتها.
لكن اي ضربة اميركية واسرائيلية هذه المرة ستضع الدولة الإيرانية امام سيناريوهين البقاء او الفناء، وهذا يعني أن رد الفعل سيكون مضاعفا، في ظل توتر امني حالي داخل إيران خشية من حدوث اغتيالات، أو انقلاب عسكري، او محاولات لتقويض النظام الإيراني وحتى وصولا إلى خطط تقسيم إيران واثارة فتنة داخلية فيها.
هذا يقول ان انفجار الحرب هذه المرة سيؤثر على كل شيء، من تدفق النفط في الخليج العربي، مرورا بإغلاق المضائق وما يعنيه ذلك من كلف على التجارة وتدفق السلع، وصولا إلى حركة الطيران في المنطقة، وضرب اي منشآت للطاقة في اسرائيل بما يعنيه ذلك من تأثير على الأردن تحديدا، ثم ما يتعلق بتوسع الحرب ليتم استهداف كل القواعد العسكرية الاميركية في المنطقة.
يرى محللون بالمقابل أن الرأي السابق حول الرد الإيراني فيه مبالغة، لأن إيران تضررت عسكريا ولن تكون قادرة على الرد بالطريقة التي يتصورها البعض، ويرى هؤلاء أن أي ضربة ضد إيران قد تعتمد مبدأ الصاعقة، أي ضربة واحدة كبيرة شاملة تضمن عدم رد الإيرانيين، وهذا كلام يجب أن يخضع للاختبار في كل الاحوال، وهو أمر قد يثبت او يحدث عكسه ميدانيا.
الاستخلاص هنا أن أي ضربة كبرى ضد إيران قد تؤدي إلى كلف على الأردن بشكل خاص تختلف عن الكلف السابقة، بما يوجب جاهزية مختلفة، خصوصا، اذا ادخلنا في حساباتنا احتمال شراكة العراق عبر تنظيماته العسكرية المحاذية لحدود الأردن، وهي المسلحة بالصواريخ والطائرات المسيرة ايضا.
تحميل إيران مسؤولية المشهد المقبل، ليس منطقيا، لأن اسرائيل هي التي تعتدي على دول وشعوب المنطقة وتجرها إلى الحريق الكبير.
"الغد"