صندوق التنمية والتشغيل – فرع إربد: حين تتحول القروض إلى نبض حياة
د. محمد خالد العزام
20-12-2025 10:12 AM
في إربد، حيث تتكئ الحكايات على عتبات البيوت القديمة وتنهض الطموحات مع شمس كل صباح، لم يكن الأمل فكرة عابرة ولا وعدًا مؤجلًا. هناك، كان لصندوق التنمية والتشغيل حضور يشبه النهر الهادئ؛ لا يُحدث ضجيجًا لكنه يترك أثره في كل أرض يمر بها. فمن خلال فرعه في إربد، تحولت الأرقام إلى وجوه، والموازنات إلى أبواب رزق، والتمويل إلى حياة تُستعاد بثقة.
قدّم صندوق التنمية والتشغيل ما يقارب ثلاثة ملايين دينار كقروض تنموية، لم تُصرف كأوراق موقّعة، بل كشرارة بدأت بها حكايات 231 مشروعًا داخل محافظة إربد. مشاريع صغيرة في حجمها، كبيرة في أثرها، كأنها بذور زُرعت بعناية في تربة تعرف معنى الكدّ، فأنبتت فرصًا وأعادت الاعتبار لفكرة أن العمل الشريف يمكن أن يبدأ بخطوة مدروسة ودعم صادق.
هذا العام وحده، وفّرت هذه المشاريع ما يقارب 388 فرصة عمل، وكأن كل فرصة منها نافذة تُفتح في جدار البطالة، يدخل منها هواء الكرامة. لم تكن الأرقام جامدة؛ كانت أصواتًا تعود إلى البيوت آخر النهار محمّلة بطمأنينة الراتب الأول، وكانت أيادي تتعلم كيف تُدير مشروعها بدل أن تنتظر وظيفة قد لا تأتي.
ويحسب لهذا النهج أنه لم ينحصر في التمويل وحده، بل امتد ليشمل الرؤية والمتابعة والإيمان بقدرة الإنسان على النهوض حين يجد من يثق به. هنا يبرز الدور القيادي لعطوفة المدير العام منصور وريكات، الذي قاد الصندوق بعقلية ترى في التنمية مسؤولية وطنية لا بندًا ماليًا، فكان للسياسات المتوازنة والقرارات الجريئة أثرها في توسيع دائرة المستفيدين وتعميق الأثر الاقتصادي والاجتماعي.
وفي إربد تحديدًا، لمع اسم مدير الفرع الدكتور عيسى عواوده كعنوان لإدارة قريبة من الناس، تعرف أسماءهم قبل أرقامهم، وتقرأ احتياجاتهم بحدس الميدان لا من خلف المكاتب. إدارة جعلت من الفرع بيتًا للمبادرين، ومن القرض عقد شراكة أخلاقية، ومن النجاح قصة مشتركة.
هكذا، لا يبدو صندوق التنمية والتشغيل في إربد مجرد مؤسسة تمويل، بل كيانًا يتنفس مع المدينة، ويكتب معها سطرًا جديدًا في دفتر التنمية. سطر يقول إن الاستثمار الحقيقي هو في الإنسان، وإن الأمل حين يُدار بحكمة يمكن أن يتحول إلى عمل، والعمل إلى استقرار، والاستقرار إلى وطن أقوى.