facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




هل تنجو سوريا ؟!


محمد حسن التل
27-12-2025 04:40 PM

ما حدث يوم الجمعة الماضي في حمص وما وقع قبله وربما ماسيقع بعده لا قدر الله تعالى يؤكد أن سوريا بعد التحرير وانتصار ثورة شعبها

تواجه مرحلة حساسة تمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الدولة والشعب على بناء مستقبل مستقر، فالسياق الراهن ليس مجرد مرحلة ما بعد سقوط نظام استبدادي، بل هو أيضا لحظة تاريخية حاسمة تتقاطع فيها عدة أخطار مترابطة ومتربصة تهدد وحدة سوريا واستقرارها، وهذه الأخطار تتركز في خطر التقسيم والإرهاب وإرث النظام الساقط، كذلك التدخلات الخارجية على رأسها التدخل الإسرائيلي..

خطر التقسيم هو أحد أبرز التحديات التي تواجه سوريا اليوم.. فسنوات الصراع والفوضى التى أسس لها نظام الأسد البائد من أجل استمراره خلقت واقعًا ميدانيًا معقدًا، حيث ظهرت "سلطات محلية" تسيطر على أجزاء من الأراضي السورية ، ومع كثرة الملفات والأزمات التي تواجه الدولة المركزية في المرحلة الانتقالية، يستغل أصحاب الأجندات المشبوهة تسويق مشاريع للامركزية أو حكم ذاتي يروج له تحت شعارات إدارة التنوّع أو توفير الأمن، تحمل في جوهرها خطر تثبيت الانقسامات وتحويلها إلى واقع على الأرض..

هذا الخطر لا يقتصر على البُعد الجغرافي فحسب، بل يمتد إلى البنية السياسية والاجتماعية، إذ يؤدي إلى تفكيك المؤسسات المركزية وتقويض قدرة الدولة على وضع سياسات وطنية موحدة، بما في ذلك السياسات الدفاعية والاقتصادية والاجتماعية

إلى جانب ذلك، يظل الإرهاب خطرًا قائمًا ومتصاعدًا، إذ تستفيد التنظيمات المتطرفة على رأسها داعش من الحالة الراهنة لإعادة بناء صفوفها وتعزيز نفوذها على الأرض من جديد، وقد أظهرت الأحداث أن الإرهاب لا يهدد الاستقرار الأمني فقط، بل يساهم في إذكاء الانقسامات المجتمعية، ويستغل الهويات المذهبية والقومية لتبرير العنف، ما يسهل استثمار هذا العنف سياسيًا في مشاريع تقسيمية، وهكذا يصبح الإرهاب أداة مزدوجة، فهو يشكل تهديدًا مباشرًا للأمن، وفي الوقت نفسه يمهد الطريق لتجزئة الدولة!!

النظام الساقط يمثل أيضا عاملًا داخليًا آخر يضاعف من صعوبة المرحلة الانتقالية، فقد ترك النظام البائد دولة منهكة، ومؤسسات فاسدة، وإدارة قائمة على القمع والإقصاء، مما أدى إلى تآكل الثقة بين الدولة والمجتمع ، وهذا الإرث الضخم من فساد سياسي وانهيار إداري يجعل الدولة السورية الجديدة تواجه تحديا كبيرا على طريق البناء وأقامة مؤسسات دولة تعبر عن كل السوريين.. لذلك الإصلاح هناك ليس

خيارًا بل ضرورة ملحة وهذا ما تحارب القيادة السورية فعلة لكن الطريق أمامها ليس معبدا الأمر الذي يستوجب دعمها من الشعب السوري نفسه وكل الدول العربية وغيرها التي لها مصلحة في استقرار الشام..

على المستوى الخارجي، تلعب إسرائيل دورًا استراتيجيًا في هذا السياق، فإسرائيل تعتبر أن سوريا قوية وموحدة تهديدًا مباشرًا لأمنها، وبالتالي فإن أي ضعف داخلي أو تقسيم محتمل يخدم مصالحها ، لذلك تسعى لتثبيت الاحتلال في الجولان، ومنع سوريا من استعادة ثقلها الإقليمي وترى أن استمرار الإنقسام السوري والفراغ الأمني يسهل عليها ممارسة نفوذ مباشر وغير مباشر في الشؤون السورية، بما يعزز مصالحها الاستراتيجية دون مواجهة قوة وطنية موحدة وهذا ما يحدث في السويداء في الجنوب والشمال الشرقي السوري..

تقاطع مخاطر التقسيم والإرهاب وإرث النظام الساقط، والدور الإسرائيلي يجعل المرحلة الانتقالية مرحلة مفصلية لا تقاس فيها نجاح الثورة فقط بسقوط النظام، بل بقدرة السوريين على بناء دولة مركزية قوية تحمي شعبها وأرضها، ورفض أي مشاريع تمس وحدة الأرض أو تتعلق بخدعة اللامركزية ، إلى جانب مقاومة أي تدخلات خارجية تهدف إلى تفكيك الدولة.

إن التحدي الأكبر يتمثل في القدرة على تحقيق التوازن بين تفكيك إرث النظام السابق، ومواجهة الإرهاب، وضمان سيادة الدولة، في ظل بقاء سوريا موحدة ومستقرة. وفي هذا الإطار، يمثل نجاح الثورة الحقيقي القدرة على تحويل الانتصار العسكري والسياسي إلى مشروع وطني شامل، يعيد بناء الدولة ومؤسساتها، ويضمن الأمن والاستقرار لجميع السوريين، ويمنع إعادة إنتاج الفوضى والانقسامات التي استثمر فيها كل من الإرهاب والمصالح الإسرائيلية..

حتى تتمكن الدولة السورية من النهوض كما يراد لها من الجميع، فإن الواجب دعمها على كل الاتجاهات وفي كل المجالات حتى تستطيع عبور المنعطفات الخطرة التي تواجهها لتكون دولة فاعلة في محيطها وأحد أعمدة الاستقرار ليس في محطيها بل في كل الإقليم.. وهذا يلزم كل الأطراف ضرب كل أفعى في الداخل السوري وفي كل المنطقة تحاول رفع رأسها لعرقة مسيرة سوريا المحررة من نظام قاتل ومجرم وكل من كان يدعمه، لأن أي فشل في بناء الدولة السورية الجديدة يعد ليس كارثة على الشعب السوري فقط بل يشكل أكبر تهديد على استقرار المنطقة كلها...





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :