facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




أرض الصومال والاهتمام الإسرائيلي: الجغرافيا حين تتحوّل إلى سياسة


صالح الشرّاب العبادي
28-12-2025 10:23 AM

عاد إقليم أرض الصومال إلى واجهة النقاش السياسي العربي والدولي، ليس بسبب تطور داخلي مفاجئ، بل نتيجة تسريبات وتحركات تتحدث عن اهتمام إسرائيلي متزايد بالإقليم، وصل حدّ التداول العلني بفكرة الاعتراف به ، ورغم عدم صدور اعتراف رسمي حتى الآن، فإن مجرد طرح هذا الخيار يكشف عن تحولات أعمق في خرائط النفوذ في الشرق الأوسط والقرن الأفريقي.

إقليم أرض الصومال، الذي أعلن انفصاله من طرف واحد عام 1991، يعيش حالة سياسية فريدة: استقرار نسبي ومؤسسات حكم قائمة، مقابل غياب كامل للاعتراف الدولي ، هذا الوضع جعله كيانًا هشًا من الناحية القانونية، لكنه مغرٍ استراتيجيًا للقوى الباحثة عن موطئ قدم خارج القيود التقليدية للقانون الدولي.

الدافع الأول للاهتمام الإسرائيلي هو الجغرافيا. فالإقليم يطل مباشرة على خليج عدن وبالقرب من مضيق باب المندب، أحد أهم الممرات البحرية في العالم، والذي تمر عبره نسبة كبيرة من تجارة الطاقة العالمية ، السيطرة أو النفاذ إلى هذه النقطة يعني القدرة على مراقبة البحر الأحمر من الجنوب، وهو هدف استراتيجي قديم لإسرائيل، خاصة في ظل تصاعد التوترات في اليمن، وتراجع القدرة الغربية على فرض استقرار دائم في الممرات البحرية.

الدافع الثاني يرتبط بـ إعادة تشكيل شبكة التحالفات ، إسرائيل، التي وسّعت علاقاتها في أفريقيا خلال العقد الأخير، وخاصة مع اثيوبيا ترى في الكيانات غير المعترف بها فرصة لعلاقات غير مكلفة سياسيًا، تقوم على مبدأ «الدعم مقابل النفوذ». الاعتراف المحتمل بإقليم مثل أرض الصومال قد يُقايَض بتسهيلات أمنية أو استخبارية أو لوجستية ، دون الدخول في صدام مباشر مع دول كبرى.

اقتصاديًا، يبرز ميناء بربرة كجوهرة الإقليم ، الميناء يشكّل بوابة بحرية لإثيوبيا، الدولة الحبيسة ذات الثقل السكاني الكبير التي ترتبط مع علاقات قوية مع اسرائيل ، ويمثل نقطة جذب للاستثمارات والمشاريع اللوجستية ، فهناك دول عربية خليجية لها استثمارات ضخمة في اقليم ارض الصومال وخاصة الإمارات، فأي نفوذ أجنبي فيه لا ينعكس فقط على الصومال، بل على توازنات القرن الأفريقي بأكمله، وعلى تنافس إقليمي بين تركيا، دول الخليج، والقوى الغربية.

أما البعد الأكثر حساسية، فهو ما ارتبط بحرب غزة ، فقد أعادت الحرب فتح نقاشات دولية حول الحلول خارج الجغرافيا الفلسطينية ، وطرحت في مراكز أبحاث غربية وإعلام دولي ، سيناريوهات إعادة توطين أو تهجير، حتى وإن لم تتحول إلى خطط رسمية. في هذا السياق، تُذكر أقاليم غير مستقرة أو غير معترف بها كخيارات نظرية ، وقد دعت إسرائيل أمريكا الى الاعتراف بهذا الاقليم والذي صرح ترامب انه لا يعرف اقليم ارض السودان وحتماً سيعرفه لاحقاً إذا ما اقتنع انه مغرٍ اقتصادياً ، ما يفسر القلق العربي والإفريقي، ورفض الصومال القاطع لأي ربط بين قضيته والقضية الفلسطينية.

تأثير هذه التحركات المحتملة يتجاوز الإقليم نفسه ، فهي تهدد بتفكيك ما تبقى من استقرار هش في القرن الأفريقي، وتفتح بابًا لصراعات نفوذ جديدة، وتضع أمن البحر الأحمر وقناة السويس أمام معادلات أكثر تعقيدًا. لذلك، فإن الموقف الرافض الذي عبّرت عنه دول مثل مصر وتركيا وجيبوتي ، كل ذلك ينطلق من تضامن سياسي فقط، بل من إدراك عميق بأن العبث بالجغرافيا اليوم هو تمهيد لفوضى الغد .

في المحصلة، فإن قضية أرض الصومال لم تعد ملفًا انفصاليًا مؤجلًا، بل تحوّلت إلى مرآة تعكس صراع الإرادات الدولية، وحدود القانون الدولي، وخطر تحويل الأزمات الكبرى كغزة ، إلى عبء يُلقى على أطراف أضعف ، وما لم يُغلق هذا الباب مبكرًا، فقد يصبح القرن الأفريقي مسرحًا لفصل جديد من إعادة رسم الخرائط ومنطقة إغراء اقتصادي وسياسي وأمني ..





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :