facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الصمت الرهيب في باطن الجبل


عبدالرحيم العرجان
30-12-2025 10:53 AM

مسار استكشافي في محيط العباسية تختار فيه الرفيق المتمكن لعبور صمت الجبل بشق يشحنك بطاقة الحديد الكامنة فيه.

الزيارة الاولى ..
كنا بمحيط بلدة العباسية برفقة صديقين نستكشف أسرار المكان إلى أن اهتدينا لشق صخري مع مجرى السيل القادم من رأس النقب بين بلدتي العباسية والثغرة، أذهلتنا الشقوق والتصدعات وما عملت بها الطبيعة بفعل سيل الشتاء من ممرات صقلتها قوة الماء الهادر شدنا جمالها للدخول بين ثناياها وكشف أسبارها شق بعد آخر وما بينها من بقايا أطلال لمن كان هناك من عصور مختلفة يعود بعضها لفترات ما قبل الحضارة وزمان عربي نبطي وروماني وبيزنطي وعباسي حيث كانت بالقريب مدينة انطلاق الدولة العباسية الأولى "الحميمة" وبها ولد وترعرع أعتى الرجال أبو جعفر المنصور وأخيه السفاح وقد يكونا قد تنزها يوما هاهنا حيث نحن الان، المدينة التي بنيت وأعاد ازدهارها على أطلال أفارا وأمر ببنائها الأول الملك حارثا الثالث لتكون مركز تجارة وتبادل سلع القوافل وخدمتها.

وبعض المراحل الأخرى لم نكمل المسير فيها لوجود ارتفاعات وعوائق أصعبها اجتياز صخور ملساء انحشرت بين طرفي الصدع الضيق تحتاج لمهارة ويد عون مع مراعاة شروط السلامة التامة خشية الإنحشار بالمكان خصوصا أنك تسير بشكل جانبي من ضيق المكان.

حين يصبح الصمت كافي
وبعد سلسلة من الممرات المائية وصلنا لمجرى يشدك فيه تعدد ألوانه الصخرية وارتفاعة الذي يصل إلى 12 مترا ببعض المراحل بمعدل عرض متر كثير التجاويف مع منحنيات كالمظلات والذي يصلح بقمته أن يكون مسارا للباحثين عن الإثارة أوقفنا الإستمرار فيه مسقط مائي كالبئر أملس بدون أية نتوئات تمكننا من تسلقه مع أن ارتفاعه بسيط بعض الشيء فكان الخيار أن نعود لمدخله والدوران حول الجلاميد والصخور فوق المجرى وصولا لنقطة ندخل منها وبالقرب مستودع علف " مصن " قديم على ما يبدو قد هجر من زمن بعيد ومن مقابله عدنا لدخول الشق من جانب أخر.

شق مذهل بكل معنى الكلمة فمع كل خطوة يتغير المشهد بالكشف عن لولبيات وممرات بين ارتفاعات تجاوزت بمعدلها العشرة أمتار لنصل لمنطقة لا تستطيع أن تعبرها إلا بشكل عرضي ولمسافة طويلة وهنا توقفنا عائدين بصور وإحداثيات مسار وثقناها بتقنيات التموضع وتطبيقات جارمن الدقيقة، وهنا كان نهاية توثيقنا الاستكشافي الأول، والجميل في الأمر أن هناك نقش قديم لمن سبقنا يحمل اسم محمد عند آخر نقطة وصلناها ولا يوجد غيره بتاتا، ودوما لا نقول نحن من اكتشفنا بل من قمنا بتوثيقه وإدراجه ضمن قوائم المعرفة.

العودة مع فريق ..
وما أن نشرنا صور المكان حتى انهالت طلبات الأصدقاء بزيارته وترتيب رحلة لإتمام استكشاف المكان لنعود بمجموعة من عشرين رحالة وعاشق للطبيعة من الباحثين عن أماكن جديدة واكتشاف المجهول والغور به، وفعلا ما داخل السيق مجهول للأهالي وهو ما أكده دليلنا "وراد المناجعة" ابن المكان وأيضا الباحث الجيولوجي م. خالد المومني الذي رسم خريطة رأس النقب الجيولوجية المتضمنة لموقع مسارنا.

دخلنا الشق بتتابع وهدوء متفحصين كل مكان فيه، وقسم منا آثر المسير فوق الشق وكلا له متعته، إلى أن وصلنا للنقطة التي يضيق بها الشق ولا يتجاوز عرضها عن 30 سم أو أقل تتطلب السير بالعرض ومهارة وتعاون باجتياز الصخور المعلقة بالشكل الصحيح خشية الإصابة وصولا لنطقة البير الأول والمحتاج لتعاون وحذر شديد لعدم وجود نقاط تشبث بها بالصخر الأملس ومرونة بالتثبت مع التأكيد على ضرورة ارتداء حذاء مناسب بنعل يحقق التماسك والأفضل ما كان بمواصفات العلامة الصفراء "فيبرام"..، لنتوالى بالنزول وبعدها بأمتار كانت نقطة البير الأول الذي وصلنا عنده بزيارة الاستكشاف الأولى لنجتازها معا وصولا لنهاية الشق البالغ طوله 1200 مترا حسب جهاز التموضع " جارمن".
وما يميز هذه الشقوق الغنية بالمعادن والأخص خام الحديد بأنها مفرغة للطاقة السلبية في الجسم وتعيد شحنه بالطاقة الإيجابية الكامنة في الجبل وهذا ما يؤكده علماء الطاقة والمتخصصين في هذا المجال.

جيولوجيا المكان ..
أما من ناحية جيولوجيا فقد أفادنا الخبير الجيولوجي المومني : الصخور المتكشفة على جانبي الشق تتبع إلى تكوين الديسي الرملي (العصر الأوردوفيشي) من مجموعة رم الرملية. وهذه الوحدة الصخرية مكونة من الصخور الرملية البيضاء المعروفة باسم الرمل الزجاجي. وفي منطقة رأس النقب ومن ضمنها موقع شق العجوز يتكشف تكوين الديسي على شكل قباب كتلية مميزة من رمل متوسط إلى خشن الحبات مكون من حبات الكوارتز الأبيض أو الشفاف والذي تسهل تجويته بسبب ضعف تماسكه. وقد ترسب هذا التكوين في بيئة أنهار متشعبة قارية ..، ويمتاز تكوين الديسي بوجود فواصل عمودية طويله باتجاهات مختلفة موازية للصدوع الرئيسة في جنوب الأردن بالإضافة إلى تراكيب رسوبية مميزة أهمها التطبق المتقاطع كبير الحجم ويبدو أن هذا الشق نشأ من خلال التقاء هذه الفواصل القديمة في الصخر والتي سهلت مرور المياه الجارية من الشرق إلى الغرب باتجاه وادي عربة أثناء عمليات الحت والتعرية.

ومن الجدير بالذكر أن المنطقة التي يتكشف فيها شق العباسية/ العجوز وما حولها بنيتها التركيبية ضعيفة، حيث تقع بالقرب من الحافة الشرقية لحفرة الإنهدام إضافة إلى وقوع أجزاء من هذه المنطقة ضمن نطاق صدع القويرة المميز والممتد باتجاه شمال-جنوب من الحدود السعودية جنوبا وحتى منطقة فينان شمالا.
وبذلك نكون قد أتممنا مسارنا الاستكشافي بسلام لنقوم بعدها بزيارة مدينة الحميمة الأثرية وآثارها الخالدة عبر التاريخ والتي تحدثنا عنها بمقال سابق لنا.





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :