الأمن المائي في الأردن - أزمة وشُح ومسارات للبقاء
أحمد عبد الباسط الرجوب
30-12-2025 11:00 AM
يواجه الأردن أزمة مائية وجودية، حيث يُصنّف كثاني أفقر دولة مائياً في العالم. بينما يناقش العالم التغير المناخي كتهديد مستقبلي، يعيش الأردنيون واقعاً قاسياً، يصل فيه الماء لبعض المناطق يوماً واحداً أسبوعياً. هذه الحلقة تتناول جذور الأزمة وتستعرض الحلول الممكنة لمواجهة هذا التحدي المصيري.
1. مقياس الأزمة: أرقام صادمة
· شُح حاد: حصة الفرد أقل من 90 م³ سنوياً (دون خط الفقر المائي العالمي البالغ 1000 م³).
· عجز كبير: العجز السنوي يتجاوز 500 مليون م³.
· استنزاف الجوفية: معدل الاستخراج ضعف معدل التغذية.
· هدر هائل: فاقد المياه في الشبكات يبلغ 50% (حوالي 280 مليون م³ سنوياً).
2. جذور المشكلة: أسباب متشابكة
· بنية تحتية مهترئة: شبكات عتيقة (تعود للخمسينيات) وتسريبات غير مرئية.
· ضعف المصادر: تحجيم حصة الأردن من نهر الأردن واليرموك، واستنزاف جائر للمياه الجوفية.
· تزايد الطلب: النمو السكاني (بما فيه موجات اللجوء) والتمدد الحضري.
· تحديات مالية: كلفة المشاريع المائية الباهظة في ظل ظروف اقتصادية صعبة.
3. التعقيد الإقليمي: المياه المشتركة
يتقاسم الأردن مصادر مائية مع دول الجوار (سوريا، فلسطين، الكيان الاحتلالي، السعودية)، مما يجعل أمنه المائي رهيناً بالاستقرار الإقليمي. وتواجه الاتفاقيات القائمة، مثل اتفاقية السلام مع الكيان الاحتلالي، تحديات في التطبيق الكامل والعدالة.
الحلول المقترحة: خارطة طريق للإنقاذ
1. معالجة الفاقد المائي (كفاءة): خفض الفاقد من 50% إلى 25% خلال 3 سنوات عبر تحديث الشبكات، وتركيب العدادات الذكية، واستخدام تقنيات كشف التسريبات.
2. الناقل الوطني (تحلية): تنفيذ مشروع لتحلية مياه البحر الأحمر في العقبة (بطاقة 300 مليون م³ سنوياً) ونقلها للمحافظات، بتمويل من شراكة عامة-خاصة.
3. تعظيم استخدام المياه المعالجة: زيادة الاعتماد على مياه الصرف الصحي المعالجة في الري من 15% إلى 40%، وتحرير مياه الشرب لأغراضها الأساسية.
4. إصلاح مؤسسي: إنشاء هيئة وطنية موحدة لإدارة الموارد المائية لوضع سياسة متكاملة وإنهاء التشتت.
5. ترشيد الاستهلاك: تغيير الثقافة المائية عبر التوعية، وترتيب التعرفة، وتشجيع التقنيات الزراعية الموفرة للمياه.
6. حلول مبتكرة: تشجيع حصاد مياه الأمطار، والاستمطار الصناعي، والبحث في بدائل مثل الزراعة العمودية.
خاتمة: الماء قضية أمن قومي
الأردن على مفترق طرق: إما الاستمرار في النهج الحالي المؤدي لاستنزاف الموارد وزيادة التبعية، أو تبني استراتيجية جريئة تشمل استثمارات ضخمة في البنية التحتية وإصلاحاً شاملاً لإدارة القطاع. التكلفة المالية للحلول عالية، لكن ثمن التقاعس أعلى – وهو خطر يهدد الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي. الأمن المائي لم يعد ترفاً، بل شرطاً أساسياً للبقاء.
الحلقة القادمة: الانتقال من تحديات البقاء إلى فرص الازدهار: كيف يمكن تحويل الاقتصاد الأردني من استهلاكي إلى إنتاجي؟
* باحث ومخطط استراتيجي