في غمرة انشغال الاقليم باجواء الربيع العربي التي هبت على المنطقة، استمر الاردن في اداء دوره وتأكيد حضوره الفاعل والمؤثر على الساحة الدولية كالمعتاد من خلال استضافته فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي للمرة السادسة منذ عام 2003، بمشاركة اكثر من 1000 شخصية قيادية عالمية في مجال السياسة والاقتصاد والمال والاعلام، يمثلون نحو 50 دولة من دول العالم. في اشارة الى ثقة المجتمع الدولي ورضاه وقناعته بسياسات الاصلاح في الاردن وتجاوبه مع متطلبات المرحلة في ظل منظومة من التعديلات الدستورية حرصت على تفعيل المشاركة الشعبية في عملية صنع القرار، واعادت الاعتبار للسلطة التشريعية ومكنتها من اثبات وجودها كمؤسسة دستورية في النظام السياسي الاردني، لها كيانها ودورها في التشريع والرقابة على اعمال الحكومة وادائها، تعزيزا لمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث عبر آليات دستورية فاعلة، والارتقاء بالعمل السياسي والديمقراطي المؤسسي في الاردن في السياق الدستوري ايضا.

ان انعقاد هذه التظاهرة الاقتصادية العالمية في الاردن على وقع الربيع العربي، يجسد رسالة دولية الى كل من يهمه الامر من دول المنطقة، بضرورة الاقتداء بالنموذج الديمقراطي الاصلاحي الاردني، الذي بات موضع احترام واهتمام الاسرة الدولية التي ارادت من خلال اشادتها ومباركتها لهذا النموذج الاردني، ان تجعل منه معيارا اصلاحيا لقياس مدى تجاوب الانظمة السياسية في المنطقة مع متطلبات الثورات الشعبية في دولها في ظل النجاح الذي حققه الاردن في التعاطي مع هذه الاجواء الربيعية الجديدة التي غلفت المشهد الاقليمي بالكثير من التحديات والمستجدات، احسب انها (الاجواء) كانت حاضرة بشكل مسبق على اجندة جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي رأى فيها الفرصة المناسبة لتسريع وتيرة الاصلاح في الاردن، حيث ذكر جلالته، بان الربيع العربي شكل بالنسبة لنا فرصة للمضي الى الامام، ونسعى في سبيل يتحقق فيه الاصلاح توافقيا وتدريجيا بحيث ينخرط الجميع على المستويات كافة. لقد حددنا معالم الطريق ونحن ملتزمون بها. في اشارة الى خصوصية النهج القيادي الهاشمي وقدرته على تحصين الاردن من اية اختراقات او تحديات عبر توفير بنى اصلاحية تحتية هيأت المشهد الوطني بشكل مسبق، لاستيعاب مثل هذه الاجواء الطارئة. كذلك فقد قال البروفسور كلاوس شواب رئيس المنتدى الاقتصادي، بان الاردن يعد المكان الصحيح وفي التوقيت الصحيح لنتمكن من تطوير الرؤية والالتزام بتطوير نماذج جديدة للمحافظة على مسؤولياتنا العالمية تجاه تحقيق امال وطموحات البشر.

ان النظرة الاستشرافية المستقبلية التي تتحلى بها القيادة الهاشمية الملهمة، بما هي تشخيص واستشعار بمتطلبات المستقبل وادواته ومقوماته، مكنت هذه القيادة الحكيمة من رسم معالم خارطة طريق اردنية اصلاحية كفيلة بالانتقال بالاردن نحو هذا المستقبل، وتمكينه من مواكبة التطورات والمستجدات بكل ثقة وثبات. وما احتلال موضوع الاصلاح الاهمية والاولوية على الاجندة الملكية، وعلى اجندة المشهد الوطني، الا الترجمة العملية لهذا الحس القيادي الملهم، بصورة اكدت بعد نظر قيادتنا الهاشمية وبصيرتها الثاقبة وهي تأخذ باعتبارها هذا الموضوع الحيوي والهام، وتصر على تكريسه نهجا ديمقراطيا في مسيرتنا الوطنية.

(الرأي)