لم استطع قراءة الاستطلاع الأخير لمركز الدراسات الاستراتيجية كما تمت قراءته لدى باحثي المركز لان الاستنتاجات التي خلصوا إليها تختلف جذريا عن الاستنتاجات التي أنبأتني بها الأرقام فالكفاءة كمعيار في اختيار المرشح لم تكن هي الأولى برعاية المستجيبين بل المعيار العشائري ، بمعنى أن الانتخابات - ووفق نتائج الاستطلاع ستكون هي سيدة المشهد الانتخابي وسأقتبس هنا: أما حول اتجاهات تصويت المستجيبين في الانتخابات القادمة للاتجاهات السياسية في البلاد، فقد أفاد 0,47% من المستجيبين الذين سوف يدلون بأصواتهم بأنهم سوف يصوتون لمرشحين عشائريين، فيما سيصوتون لمرشح يتحلى بكفاءة عملية ومعرفية ، و8,2% من المستجيبين .وفي حدود علمي فان الاستطلاعات تصمم عادة لحدث مستقبلي تقاس اتجاهات الرأي العام حياله وليس تجاه قضية حدثت في الماضي وذلك مرتبط بفلسفة الاستطلاع - كواحد من الوسائل الإعلامية وليس الاستراتيجية تلك الفلسفة التي ترتبط بحاجة صانع القرار لمعرفة اتجاهات الرأي العام حيال قضية أو حدث وشيك الوقوع ويحتاج إلى وسائل لمعرفة رأي الجمهور حياله ، أما أن نستفتي عينة حول أداء مجلس انقضى وذهب ففي هذه الحالة ترتسم أكثر من علامة سؤال حول التوقيت.

يقول الاستطلاع : أظهرت النتائج بأن تقييم الرأي العام لمجلس النواب الرابع عشر بصفة عامة كان سلبياً. فلم ينجح المجلس الأخير، من وجهة نظر المستجيبين في أداء أي من أدواره المنوطة به دستورياً فهل أتينا بجديد؟ أما على صعيد المحافظات فالأسئلة تبدو أكثر جدية إذ يقول الاستطلاع : وعلى صعيد تقييم المستجيبين حسب المحافظات لمدى تواصل نواب دوائرهم ومدى متابعتهم لقضايا الدائرة والوطن كان تقييم محافظة مادبا هو الأكثر سلبية فيما يتعلق بمتابعة نواب الدائرة لقضايا دوائرهم .

ربما نحتاج إلى إعادة تعريف بدور المراكز الاستراتيجية وهل يقتصر دورها على الاستطلاعات ام ان مهامها تتجاوز ذلك؟ على الرأي بوصفها كبرى الصحف أن يكون لديها مركز قياس الرأي العام وهو بالمناسبة غير مكلف وكذلك مطلوب من المؤسسات الإعلامية المماثلة أن يكون لها مثل هذه المراكز أو على اقل تقدير أن تعمم ثقافة الاستطلاع بوصفه يأتي في صميم العمل الإعلامي وليس الاستراتيجي.

كما أن المطلوب من الجامعات الرسمية والأهلية أن يكون لها مراكز دراسات كي نعمم ثقافة خزانات الأفكار المنتجة والواقعية التي ترفد صانع القرار بالبدائل والخيارات حين يرسم سياسته سواء في الشأن الاقتصادي او السياسي وغير ذلك من شؤون.

آن لنا أن نعيد النظر في وظيفة الاستطلاع ليكون للخدمة العامة وليس غير ذلك.

samizbedi@yahoo.com