الشباب في العقبة بين أرق الوظيفة والبحث عن الترفيه
25-02-2007 02:00 AM
عمون - الـعــــــقـبـــــة – وائل الجرايشـــــة .
مع أمواج البحر اللامعة بضوء القمر الخافت القادم من بعيد ومع هدوء المياه أحيانا وضوجانها أحيانا أخرى تنتعش ذاكرة الإنسان بنسمات الهواء العليلة لتنساب الكلمات العذبة وتتلاطم مع السكون الراسي بمركب العقل في لحظة صفاء حين يكون الكائن جليس البحر فترسي الكلمات والعبارات الجذابة على شواطئ القلم المتعب .
العقبة الساحلية موطن الأمن والآمان والراحة والاطمئنان حيث السلوك والنظام وجو لطيف يسوده الاحترام ، فالكل قد اتفق أن هدفه واحد الارتقاء بمعيشته وصفاء ذهنه واقتسموا إلى فريقين لا ثالث لهما ف الأول اختار العقبة الاقتصادية موطن لعمله ومكان رزقه الأبدي كونها ارض خصبة للاستثمارات وفرص العمل وآخرون اتخذوا العقبة السياحية مكانا مؤقتا للترفيه بعيدا عن العمل ومنغصاته الروتينية وما بين هذا وذاك يدور الشباب في فلك الخيارات المغرية ،فهنالك من ينظر إلى العقبة على أنها مصدر رزق جيد للشباب وهناك من يعتقد بأنها أجمل مكان للزيارات السياحية الشبابية و" الطشات " وآخرون منهم يعتقد أنها ملاذ من أفلس في البحث عن العمل.زيد الفناطسة شاب على مقاعد الدراسة يرى أن العقبة بعد عامها السادس كمنطقة اقتصادية خاصة تتمتع بمناخ استثماري يدفع الكثيرين للقدوم للعمل فيها عدا عن المناخ الجوي المختلف عن بقية محافظات المملكة الذي يجعل منها مكانا مميزا على خارطة السياحة الداخلية وخصوصا في فصل الشتاء حيث يتمتع طقسها بالدفيء ويقول زيد أن ما يضيف جمالا فوق جمال العقبة زوارها حيث أنها تلبسها حلي يجعلها تتباهى به فتتزين العقبة بتجمع الثقافات في العقبة من خلال الزوار حيث الأهازيج والأغاني الخاصة في كل محافظة تفرد لنا حين يتغنى بها القادمون إلى العقبة فرحا . ويرى زيد أن القطاع الشبابي في المحافظة بحاجة إلى المزيد من الاهتمام خصوصا في البرامج الفكرية لان اغلب الاعتماد على الشباب في النشاطات البدنية.
وسيم المحيسن يقول انه لا يمل البحر أبدا ويشكو من أن الطقس الجميل في العقبة يدفعهم لترك الدراسة في ساعات الليل التي تزداد بها الحركة فهو لا يستطيع البقاء في البيت وهو يرى الحركة الكثيفة في الخارج أما سعد علي وعمر مجيدات فهم يشعرون بالسعادة لقدوم الشباب لزيارة العقبة وغالبا ما يسعوا للاحتكاك بهم والمبادرة في التعرف عليهم لتوسيع مخزونهم من العلاقات الشبابية .
وفي شارع الحمامات التونسية أو كما يطلق عليه أهالي العقبة " شارع الشلالات " نسبة إلى الشلال المائي الجميل الذي يتوسط الشارع تواجد عدة شباب على مقاعد متناثرة رأوا أن أوقات الذروة في العقبة أيام العطل على حد قول محمد جرارعة والشباب الدارسين يجتهدوا على نفسهم طوال فترة الدراسة لكي يتمتعوا بعطلة جميلة وحرية بلا قيود ويشير إلى أن الشباب لا يضيعوا وقتهم في الشوارع بعد انتهاء الدوام الرسمي وان حر الظهيرة يجبرهم على الإسراع في وصول بيوتهم ويعرج جرارعة على متابعة الشباب لمطالعة الصحف بان العدد الغالب من الشباب في العقبة لا يتابعوا الصحف وان حصل ذلك يكون من خلال الاشتراكات التي تصل فيها الصحف إلى بيوتهم أما الانترنت فهو مكانا للترفيه وسماع الأغاني ، وتمنى محمد على الشركات العاملة في العقبة تبني الشباب الدارسين في الجامعات وان تكون أسس اختيارهم على المعايير المادية وظروف الأسر المالية .
الشاب محمود الصمادي الذي يعمل منذ ست سنوات يرى أن العقبة الاقتصادية يوم عن يوم تتطور وهذا ملاحظ للعيان ويعتبر محمود انه من غير المحظوظين فقد أتى للعمل في العقبة بعد أن وجدها ملاذا آمنا بعيدا عن الضغوطات الاجتماعية التي تلاحق الشاب العاطل عن العمل في محافظته ورغم ذلك الحظ الذي لم يبتسم له للعمل الذي يطمح إليه إلا أن الابتسامة لا تفرق وجهه ويفرح لفرحة الناس القادمة للعقبة والتي هي محط أنظار الجميع على حد قوله .
شعبان - صاحب محل تجاري – يرى أن اغلب الشباب القادمين للسياحة يعتبروا أن أجمل الهدايا التي تؤخذ من العقبة وبأسعار فارقة عن غيرها من المناطق هي " المكسرات والدخان والقهوة والعصائر والحرامات وفي الأحيان الملابس " ويؤكد أن الأسعار بشكل عام تختلف بين يوم العطل التي ترتفع فيها الأسعار والأيام العادية التي يسودها الكساد وتنخـفض الأسعار. ويضيف الشاب بلال الشوابكة الذي يعمل في التجارة العامة أن الشباب في العقبة يضيعون كثيرا من الوقت في مقاهي الانترنت وغرف الدردشة وينقلب هذا الاسم اللطيف - الدردشة - إلى مشادات كلامية داخل الحارات الالكترونية ويؤكد في نصيحة لمن يقرأ كلاماته من الشباب أن من يجد فرصة عمل عليه الالتصاق بها حتى يعمل على تكوين نفسه وتتيح فرصة عمل أفضل لأنه من الصعب ترك وظيفة وإيجاد بديلة بوقت قصير ويؤكد بلال أن هنالك في العقبة عدد لا باس به من العمالة الوافدة التي تعمل في المحال التجارية وتحرم أبناء الوطن الذين لا يعفون عن عملية البيع فلماذا هم يستبعدوا ويلقي باللوم على أصحاب المحال ويحدثنا بلال عن جانب آخر في شباب العقبة أنهم يحبون أكلة الأردن الأولى " المنسف " رغم منافسة " الصيادية " لها والتي لها طعم خاص ومميز حين تطبخ في البيوت بوجهة نظره.
مجموعة من الشباب الجالسين على احد الشوارع المطلة على البحر يعملون جميعهم في شركة مهنية وقد جاءوا للعمل من خارج العقبة ويقول احمد حسن أكبرهم سنا انه أتى من سنوات إلى العقبة ليكسر روتين عمله في عمان ويجاور خليج العقبة ويضيف انه كثير من الشباب يأتوا للعمل في العقبة في فصل الشتاء فقط هربا من برودة الطقس في المحافظات الأخرى ويشير معاوية مالك الجالس إلى يمينه انه أتت فرصة عمل لهم في الخليج إلا أنهم قارنوا الدخل بما يأخذونه في العقبة فوجودا الذهاب إلى العقبة والاستقرار فيها أفضل حتى لو أنهم بعيدين عن أعين الأهل إلا أنهم يبقوا في أعين الوطن الحبيب ويعلق بأن الاعتماد على النفس وتحديد المستقبل بيدك أمر مدعاة للمفخرة .
ويتداخل احمد حسن ليقول أن الشركة التي يعمل بها تسعى للترفيه عن الشباب العمال حيث تسير رحلات سياحية داخلية تخفف من أعباء العمل أما الأهل فبدلا من أن اذهب إليهم ادعوهم لقضاء إجازة هنا في العقبة.
أما عبد الله حمودة الذي تحشرجت الكلمات في فمه بعد صمت واستماع طويل تبين انه غير مرتاح في العقبة لأنه لم يتجاوز الشهر في العقبة وهو مشتاق لأهله ولسهرات الأصدقاء ولكن يقول أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة وهنالك الكثير من الشباب ليس في فكره إلا وظيفة واحدة أهم مقوماتها الكرسي والمكتب الذي يعلوه المكيف وترقد خلفه المدفئة ويتأمل حمودة أن يتأقلم مع الجو بعد مضي وقت من الزمن في العقبة .
إن الجميل والملاحظ لأي زائر إلى مدينة العقبة هو أن كل إنسان له بنفسه وعائلته فقط فــمن يبسط " الحصيرة " للجلوس عليها هو وعائلته وهناك بجانب الشاطئ تجلـس عائلات أخرى للاستمتاع بالمنظر الساحر خاصة مع اختباء الشمس وقت الغروب في قلب البحر ، وهنالك أمر آخر لافت للانتباه في العقبة المدينة هو الاعتناء الفائق بالشوارع ونظافتها إضافة إلى انتظام السائقين داخل المحافظة بممرات المشاة المخصصة حيث من يطأ على طرف الممر سرعان ما تقف السيارات احتراما للنظام ، وقد تفرح لما تجده من ارتسام للفرحة على محيى الآخرين ويلاحظ ذلك على المتواجدين في ساحة القلعة ليلا حيث همهم الأكبر الانبساط والخروج بكم هائل من تفريغ الضغط الحاصل في ساعات العمل فتجد الشباب والشابات من يركب الدراجات وآخرون يصعدون لركوب الخيول المنتشرة بشكل جميل وأطفال يقفزون من أعلى منحدر بالوني ، فالجميع في العقبة يتمنوا إسعاد أنفسهم وضيوفهم وتقديم كل ما يناسب الضيافة الأردنية الكريمة وتكوين انطباع حسن عن عادات وتقاليد الأردن من خلال هذه البوابة الساحلية الجنوبية وثغر الأردن الباسم .